211

Lessons by Sheikh Al-Albani

دروس للشيخ الألباني

Genres

الجمع بين أن المرحومين لا يختلفون مع وجود الاختلاف بين الصحابة أعود لأؤكد على النقطة التي أريد التنبيه إليها إن المرحومين لا يختلفون، لكن صحابة رسول الله ﵌ كانوا بلا شك مرحومين، فكيف يلتقي هذا مع ذاك الاختلاف الذي أشرنا إليه؟ نقول: الاختلاف قسمان: اختلاف هوى، واختلاف فهم اختلاف تعصب، واختلاف تطلب للهدى. فإذا اختلف اثنان وكل منهما يسعى لمعرفة حكم الله ورسوله ثم لم يتفقا فهذا لا ضير فيه، ولا شك أن الاتفاق خير من الاختلاف، مهما كان الاختلاف يسيرًا وسهلًا وسمحًا، ولكن لا يمكن الاتفاق في كل مسألة بين عالمين، أو بين شقيقين، أو بين سلفيين، فهذا أمر مستحيل! لذلك يجب ألا نضيع وقتنا في تحقيق المستحيل، وإنما نصرف وقتنا في القضاء ما يمكن على الاختلاف، هذا هو واجبنا، وهذا هو تميزنا عن جماهير الناس الذين رضوا بالاختلاف وطبعوه بطابع الرحمة؛ ولذلك فهم لا يزالون مختلفين، ولم لا وهم يظنون أن الاختلاف رحمة، وأن الإنسان مخير بين أن يأخذ بهذا القول أو بهذا القول، أو بذاك أو بذاك؟ وكثير منهم يُصرحون بأن المذاهب الأربعة كشرائع أربع، فلكل شريعة وزنها، والإنسان مخير أن يأخذ بهذا أو بهذا أو بهذا، فأين ذهبوا بقول الله ﵎: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء:٥٩]؟ فهذا الاختلاف مرفوض مردود مخالف للكتاب والسنة؛ لأنه اختلاف لا يرد إلى الكتاب والسنة كما في الآية السابقة ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء:٥٩]، فالرضا بهذا التنازع خلاف الكتاب والسنة. وهناك اختلافٌ لا بد منه، وسببه اختلاف نسبة العلم والفهم من زيد إلى عمرو؛ فلهذه الأسباب التي لا إمكان للإنسان أن ينجو منها وقع شيء من الخلاف بين الصحابة في فهمهم لبعض النصوص، ولكنهم إذا ما نُقِل إليهم أو عرض عليهم قول الله أو قول رسول الله، كان موقفهم كما قال تعالى: ﴿وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [النساء:٦٥]، هذا هو الفرق بين المهتدين وبين الضالين، الذين يرضون بالخلاف وهم مأمورون برفع الخلاف ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.

16 / 6