Lessons by Sheikh Al-Albani

Naser al-Din al-Albani d. 1420 AH
162

Lessons by Sheikh Al-Albani

دروس للشيخ الألباني

Genres

علاقة الرؤيا بالغيب السؤال هل الرؤيا الصالحة من الغيب؟ الجواب نعم. الرؤى غيب، وقال ﵇: (الرؤيا الصالحة جزءٌ من ست وثلاثين جزءًا من النبوة) أو كما قال ﵇، فهي غيبٌ. السائل: هل هناك أحدٌ يعلم بالغيب إلا مَن علَّمه الله ﷾ من الأنبياء؟ وكما قلتَ أن العلماء يعلمون هذه الرؤيا هبةًَ! الجواب: أنا ما قلت يعلمون الغيب، ولكن نعم يعلمون كإلهام من الله ﷿. نفس السائل: أي: يلهمهم ببعض الغيب؟ الجواب: لا. هذا ليس غيبًا -بارك الله فيك- وهذا سؤال -في الحقيقة- مهم جدًا. لنعرف ما هو الفرق بين العلم بالغيب والفراسة التي يصيب بها أحيانًا، وتتحدث بها بعض كتب السنة الصحيحة من جهة، ويغالي فيها الذين ينتمون إلى التصوف من جهة أخرى. أظنكم جميعًا تعلمون قوله ﵊: (لقد كان فيمن قبلكم محدَّثون، فإن يكن في أمتي، فـ عمر) ومعنى (محدَّثون) أي: مُلْهَمون، والإلْهام ليس هو الوحي لكنه يلتقي مع الوحي أحيانًا من حيث اكتشاف ما سيقع ظنًا وليس يقينًا، أي أن الذي أُلْهِم بشيء لا يستطيع أن يقول: إن هذا سيكون حتمًا، إلا ما ندر جدًا جدًا، وهو يعترف بأنه ليس معصومًا، أما الوحي فهو يقطع به كما هو حي تمامًا، يقطع بأن هذا الذي أوحاه الله إليه هو من وحي السماء، لا يدخله شك ولا لبس ولا ريب. فالآن: (لقد كان فيمن قبلكم محدَّثون، فإن يكن في أمتي فـ عمر) ما معنى محدَّثون؟ أي: مُلْهَمون، فما هو الإلهام؟ أنتم تعرفون أن عمر بن الخطاب تحدث بأمور نزل القرآن على وفق ما تحدث به، كقوله للرسول ﵊: [لو حجبتَ نساءك!] فأنزل الله آية الحجاب. وقوله: [لو اتخذنا من مقام إبراهيم مُصَلَّىً!] . إلى آخر ما قال. فمن هذا القبيل: ما رواه الإمام مالك في الموطأ بالسند الصحيح عن أبي بكر الصديق، أنه قال لابنته عائشة في أرض تتعلق بإرث أولاد أبي بكر ﵁ قال -فيما أذكر الآن-: [إن هذه لأختك -والأخت كانت لا تزال جنينًا في بطن زوج أبي بكر الصديق - قالت: وأين أختي؟ قال: هي التي في بطن فلانة]، وفعلًا رُزِقَت زوجته بنتًا، فكانت عائشة ترث مع أختها تلك الأرض بوصية من أبي بكر الصديق في هذا الإلهام. وهذه القصة في الموطأ وبالسند الصحيح الذي لا إشكال فيه؛ لأنه في الموطأ توجد روايات مقطوعات وبلاغات كثيرٌ منها لا يصح، وإن كانت موصولة بعضها في كتبٍ أخرى، أما هذه القصة فهي صحيحة. فإذا عرفنا هذه الحقيقة، وهي: الفرق بين الوحي وبين الإلهام، يمكننا أن ندخل في صلب الإجابة. إذا كان هناك رجل عالم مثل ابن سيرين فسر الرؤيا التي قصها عليه قاصٌ ما أو راءٍ ما، فهو لا يستطيع أن يقول: إنها ستكون كذلك. إذًا: فهذا ليس من باب الاطلاع على الغيب إطلاقًا، وإنما هو الظن، والظن قد يصيب وقد يخطئ، وهذا يقع من العلماء في مناسبات كثيرة وكثيرة جدًا، حتى إن بعض مشايخ الطرق يستغلون هذه الوقائع ويوهمون الناس أنها كشوفات، وأنهم يطلعون على ما في صدور الناس، والحقيقة أنها ليست شيئًا من ذلك، وإنما هي الفراسة. وسأقص بعض ما وقع لي أنا شخصيًا مع كشف السر؛ لكي لا تُغَشُّوا بما قد تسمعون من بعض الناس. إذا تبين أن ابن سيرين وأمثاله هم ممن قد وُهِبوا علم تأويل الرؤيا، فذلك ليس من باب الاطلاع على الغيب؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله بنص القرآن الكريم، ثم كما قال في القرآن الكريم أيضًا: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ﴾ [الجن:٢٦-٢٧]، فالغيب هو الأمر الذي يقطع به الرسول ﷺ أن الله ﷿ قد أوحى به إليه. أما العالم ذو الفراسة أو مفسر المنام، فهذا لم يطَّلع على الغيب، فقد يصيب وقد يخطئ.

11 / 5