57

Khulasat Athar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Publisher

دار صادر

Publisher Location

بيروت

مَا حكى إِنَّه كَانَ فِي بعض الْمجَالِس فَدخل بعض الشُّعَرَاء الْكِبَار فَقَالَ المهتار جَاءَ امْرُؤ الْقَيْس بن حجر الْكِنْدِيّ فَقَالَ ذَلِك الشَّاعِر بديهة يلثم أَيدي طرفَة بن العَبْد وَمِمَّا رَأَيْته بِخَطِّهِ وَقد نسبه إِلَى نَفسه فِي تَشْبِيه الْحجر الْأسود قَوْله (الْحجر الْأسود شبهته ... خالًا نجد الْبَيْت زَاد سناه) (أَو أَنه بعض موَالِي بني الْعَبَّاس ... بواب لباب الْإِلَه) وَله فِي قناديل المطاف (تراءت قناديل المطاف لنا ظرى ... على الْبعد والظلماء ذَات تناهى) (كدائرة من خَالص التبر وَسطهَا ... فتيتة مسك وَهِي بَيت الهي) وَله فِي المناير فِي ليَالِي رَمَضَان (كَأَن المناير إِذْ أسرجت ... قناديلها فِي دياجي الظلام) (عرائس قَامَت عَلَيْهَا الحلى ... لتنظر بَيت إِلَه الْأَنَام) وَله غير ذَلِك وَكَانَت وَفَاته بعد الْأَرْبَعين وَألف بِقَلِيل وَالله تَعَالَى أعلم إِبْرَاهِيم باشا الْمَعْرُوف بدالي إِبْرَاهِيم أحد وزراء دولة السُّلْطَان مُرَاد الثَّالِث ذكره الْحسن البوريني فِي تَارِيخه فَقَالَ فِي تَرْجَمته هُوَ على مَا بَلغنِي فِي الأَصْل من طَائِفَة الأرمن وَدخل هُوَ وَأَخُوهُ وَأُخْته إِلَى دَار السلطنة فخدموا وَأَخُوهُ اسْمه مَحْمُود وَلم يزل إِبْرَاهِيم من لدن دُخُوله فِي خدمَة السلطنة يتقلب فِي الولايات حَتَّى صَار أَمِير الْأُمَرَاء فِي ديار بكر بأسرها ففتك فِيهَا وظلم أَهلهَا وَأظْهر من أَنْوَاع الظُّلم أَشْيَاء مستكرهة جدا مِنْهَا أَنه كلما سمع بِامْرَأَة حسناء اجْتهد على الِاجْتِمَاع بهَا بِأَيّ طَرِيق أمكن وَكَانَ لَهُ فِي ديار بكر رجل يُقَال لَهُ رَجَب وَكَانَ من التُّجَّار كثير الْأَمْوَال إِلَى الْغَايَة فَجعله أَبَاهُ وَهُوَ ابْنه فَبَيْنَمَا رَجَب فِي بَيته إِذْ بقائل يَقُول لَهُ إِبْرَاهِيم باشا على الْبَاب يُرِيد الدُّخُول وَكَانَ ذَلِك لَيْلًا فارتعدت فرائصه لذَلِك فَخرج إِلَيْهِ فَوَجَدَهُ قد اقتحم الْبَيْت فبهت رَجَب لذَلِك فَقَالَ يَا أَبَت أُرِيد أَن أنظر أخواتي يَعْنِي بَنَاته وَأُرِيد أَن تجْعَل لي حِصَّة من مَالك كَمَا جعلت لبَقيَّة إخوتي فَلم يزل يلاطفه حَتَّى أرضاه بِنَحْوِ خَمْسَة آلَاف من الذَّهَب الْأَحْمَر وَلم يزل بِهِ بعد ذَلِك حَتَّى قَتله وقطعه أَربع قطع وَفعل فِي ديار بكر الأفاعيل الْعَظِيمَة فَذهب غَالب أعيانها واشتكوا عَلَيْهِ للسُّلْطَان مُرَاد فَأمر أَن يُؤْتى بِهِ مُقَيّدا فَأتوا بِهِ كَذَلِك وَلما حضر إِلَى السدّة السُّلْطَانِيَّة أَمر السُّلْطَان أخصامه أَن يقفوا مَعَه فِي مجْلِس الشَّرْع فَمَا أطَاق أحد

1 / 57