إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ. بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ «١»
فالعرب الذين أووهم وأنزلوهم أرضهم، أبواهم عليهم المعاملة الطيبة، ونظروا إليهم على أنهم دونهم وأنهم أميون، والأمى يؤكل حقه فى زعمهم الباطل، ومنطقهم الأثيم. وجانبوهم، وتحيزوا فى حيز دونهم، وعاشوا بجوارهم يأخذون ولا يعطون.
النصرانية:
٣٧- كما أوت اليهودية إلى أرض الحرية أرض العرب أوت النصرانية إليها عندما كانت مضطهدة من الرومان، وكان اليهود يغرونهم بهم كما روى عن محاولتهم إغراء الرومان بالسيد المسيح ﵇ نفسه.
وقد لجأت النصرانية إلى أرض نجران، ويظهر أنهم كانوا من النصارى الذين فروا من حكم القياصرة الذين اضطهدوهم، ويظهر أنهم كانوا فى ابتداء أمرهم مواحدين حتى غشيت الوثنية تلك الديانة السماوية بالتثليث وادعاء الألوهية لعيسى بن مريم، وأمه، والروح القدس.
فقد جاء فى كتاب (الاكتفاء) ما نصه: كان بنجران بقايا من أهل دين عيسى بن مريم على الإنجيل، أهل فضل واستقامة من أهل دينهم، لهم رأس يقال له عبد الله التامر، وكان موضع أصل ذلك الدين بنجران، وهى بأوسط العرب فى ذلك الزمان.
وإن استقامة أهل نجران على أصل دين المسيح ﵇ كانت قائمة فيهم، حتى عصر النبى ﷺ حتى ذكرهم القران الكريم بالثناء عليهم فقال ﵎:
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبانًا وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ، يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ. وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ، وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ. فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ «٢» .
_________
(١) سورة ال عمران: ٧٥، ٦٦.
(٢) سورة المائدة: ٨٢: ٨٥.
1 / 40