ولكن ثمود بعدت عن أمر ربها، واعتدوا على صالح، فنزل عليهم عذاب واصب وأبادهم.
ويروى أن المسلمين رأوا البئر التى كانت تشرب منها الناقة، وذلك فى غزوة تبوك، فقد روى عن ابن عمر قال: لما نزل رسول الله ﷺ بالناس على تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود، فاستقى الناس من الابار التى كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا منها وملأوا القدور، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التى كانت تشرب منها الناقة.
إبراهيم أبو العرب المستعربة وإسماعيل:
٣٢- لقد ولد إبراهيم فى أرض الكلدانيين يعنون أرض بابل. وقيل إن إبراهيم ولد بغوطة دمشق فى قرية يقال لها برزة فى جبل يقال له جبل قايسون، ولكن ابن عساكر راوى الخبر يقول «والصحيح أنه ولد ببابل» .
ولكن إبراهيم لم يستقر فى بابل، بل كان ينتقل فى الأقاليم، فارتحل إلى كنعان حيث أرض فلسطين، ثم ارتحل إلى حران، والجزيرة، والشام.
وكانت عبادة الكواكب سائدة فى البلاد التى نزل بها. وكان هو يدعو إلى عبادة الله تعالى الواحد القهار، ولقد حطم الأوثان وجعلها جذاذا، وقد حاول المشركون أن يحرقوه بالنار لما فعل بالهتهم، فألقوه فى النار، وهو لا يعتمد إلا على الله تعالي، وقال حسبنا الله ونعم الوكيل، فاستجاب الله لدعائه، وجعل النار بردا وسلاما عليه، فقال سبحانه: قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلى إِبْراهِيمَ. وَأَرادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ «١» . أرادوا أن يغلبوا فغلبوا، فهم أرادوا الأذى لإبراهيم، وأراد الله الخير له، فكان كيدهم شرا، وأراد إحباط ما صنعوا وكانوا الأخسرين، لأنه لم يتم لهم مأرب، وحقق لإبراهيم الغاية.
ولم يجد إبراهيم مهاجرا إلا فى بلاد العرب، هاجر إليها بعد أن طوف ما طوف، إذ أن أم ولده إسماعيل هاجرت بولدها إلى مكة فرارا به، وطمأنينة عليه، وكان معها إبراهيم، أو هو الذى أخذها إليه.
هربت بابنها إسماعيل إلى موضع مكة. ومعها أبوه خليل الله.
وقد أصابها العطش، فأخذت تسعى إلى الماء بين الصفا والمروة حتى رأت عينا ثرة، فملأت سقاءها وشربت هى وولدها.
ولقد شب إسماعيل عن الطوق، وتعلم العربية، ورزقه الله هو وأمه رزقا حسنا، كان يأتيهما من غير حساب، وكان الخليل يزورهم الوقت بعد الاخر.
_________
(١) سورة الأنبياء: ٦٩.
1 / 34