فصل في صفة الأرض وتقسيمها
من غير الوجه الذي تقدم ذكره
قال الله ﷿: " ألم نَجعلِ الأَرْضَ مِهادًا والجِبالَ أوْتادًا " وقال عز من قائل: " الذي جعل لكم الأرض فراشًا والسماء بناء ". وقال ﷾: " والله جعل لكم الأرض بساطًا " قال قوم من المفسرين: معنى المهاد والبساط: القرار عليها والتمكن منها والتصرف فيها.
وقد اختلف العلماء في هيئة الأرض وشكلها: فذكر بعضهم أنها مبسوطة مستوية السطح في أربع جهات المشرق والمغرب والجنوب والشمال. وزعم آخرون أنها كهيئة المائدة. ومنهم من زعم أنها كهيئة الطبل. وذكر بعضهم أنها تشبه نصف الكرة كهيئة القبة وأن السماء مركبة على أطرافها. والذي عليه الجمهور أن الأرض مستديرة كالكرة وأن السماء محيطة بها من كل جانب كإحاطة البيضة بالمحة، فالصفرة بمنزلة الأرض، وبياضها بمنزلة الماء وجلدها بمنزلة السماء، غير أن خلقها ليس فيه استطالة كاستطالة البيضة بل هي مستديرة كاستدارة الكرة المستديرة المستوية الخرط، حتى قال مهندسوهم: لو حفر في الوهم وجه الأرض لأدى إلى الوجه الآخر، ولو نقب مثلًا بأرض الأندلس لنفذ الثقب بأرض الصين. وزعم قوم أن الأرض مقعرة، وسطها كالجام.
1 / 40