251

مزيد من الشعارات عن الديمقراطية والحقوق السياسية والمدنية وحقوق الإنسان.

وهذه النتائج الخمس مترابطة كالحلقات في سلسلة واحدة، وقد يحدث التناقض بين الواحدة والأخرى، كالتناقض الذي يحدث أحيانا بين المؤسسات الحاكمة والتيارات الدينية المتطرفة أو المعتدلة نسبيا، تحاول كل منها ضرب الأخرى، إلا أنها فترات مؤقتة، حين تتعارض المصالح، وسرعان ما يعود التعاون علنا أو سرا، ذلك أن العوامل التي تجمعها أكثر من العوامل التي تفرقها، وعلى رأسها الميل للاستبداد بالرأي ومركزية السلطة وقدسية الحاكم أو الأمير، وسيطرة فرد على الجماعة، وإخضاع النساء للذكور في الأسرة. (12) ملاحظة أخيرة

في ختام هذه الورقة عادت إلى صورة مدير الأمن الذي ابتسم في وجهي على غير العادة ذات صباح، وأخذ يشكو من سلبية الشعب، وعدم تحركه للتعاون مع الحكومة في حل المشاكل والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الملحة، ومنها مشكلة الفتنة الطائفية وانتشار التيارات الدينية المتطرفة، وقال لي بالحرف الواحد: خلاص الشعب مات.

وأدركت أن المؤسسات الحاكمة في بلادنا تريد من الشعب أن يتحرك ويحل المشاكل التي عجزت عن حلها، لكنها في الوقت نفسه تخشى إن تحرك الشعب ألا يكتفي بحل المشاكل فحسب، ولكنه يحاول القضاء على أسباب هذه المشاكل، وأولها هذه المؤسسات الحاكمة ذاتها.

ومن هنا ذلك التناقض بين الشعارات المرفوعة عن الديمقراطية والحقوق المدنية وتشجيع مبادرة الجماهير، وتلك القيود المكتوبة وغير المكتوبة التي تقيد حركة الجماهير.

وتذكرت أن بعد أحداث الفتنة الطائفية في أبي قرقاص منذ عامين أن اجتمع في مقر تضامن المرأة ما يزيد عن المائة وخمسين من المثقفين في مصر، رجالا ونساء مسلمين وأقباطا، وشرعنا في تكوين جمعية لمحاربة الفتنة الطائفية سميناها جمعية الوحدة الوطنية.

لكن وزارة الشئون الاجتماعية رفضت إشهار هذه الجمعية، وتعرض بعض أعضائها الذين نشطوا لمطاردة رجال الأمن.

كنت أنوي إنهاء الورقة عند هذه الفقرة، لولا أنني تذكرت الابتسامة التي رأيتها ذلك الصباح على وجه مدير الأمن، لقد أدركت بعد أن تأملتها أكثر أنها كانت ابتسامة متناقضة، لم تشمل إلا بعض عضلات الفم، لكن ملامح الوجه كانت جامدة، وصوته كان أشد جمودا وهو يقول بغضب: خلاص الشعب مات!

وكأنما الشعب هو المسئول عن موت نفسه، أو كأنما أن المسئولة عن موت الشعب وليس هو، أو المؤسسة الحاكمة!

المرأة في الألفية الجديدة

Unknown page