220

هذه عبارة صحيحة تماما تنطبق على ختان الإناث والذكور أيضا، والمفروض أن يطلع الأطباء في مصر على المعلومات الطبية الجديدة التي تؤكد أن ختان الذكور ضار صحيا، وليس له أي فوائد كما أشيع قديما.

منذ ثلاثين عاما أو أكثر حين طالبت بمنع ختان البنات؛ حرصا على صحة النساء سخر مني زملائي الأطباء، وأكدوا أن ختان الإناث عادة صحية من أجل النظافة والجمال والعفة أيضا.

واليوم قد يسخر كثيرون من الأطباء حين نطالب بمنع ختان الذكور، لقد ورثوا كثيرا من الأفكار القديمة الخاطئة داخل علم الطب ذاته، كما أن وقتهم الضيق لا يسمح لهم بالاطلاع على المعلومات الطبية الجديدة، إن التعليم في بلادنا لا يزال يمشي بخطوة السلحفاة في عصر الإلكترون والإنترنت.

المطلوب اليوم من وزارة الصحة ونقابة الأطباء أن تلعب دورا فعالا لتعريف الأطباء الشباب بهذه المعلومات الجديدة ، والتي لا يمكن تلخيصها في مثل هذه المقالات الصحفية السريعة. •••

كما أن من حق الناس (من غير الأطباء) أن يعرفوا هذه الحقائق الجديدة حتى يحمي الآباء والأمهات أبناءهم من هذه العادات القديمة الضارة جسديا ونفسيا واجتماعيا.

أول رحلة بالمترو تحت الأرض في القاهرة

توقفت سيارتي ذات يوم فوقفت في الشارع لأركب تاكسي إلى الجيزة، كنت أعرف أن الأجرة خمسة جنيهات، إلا أن صاحب التاكسي أراد أن يأخذ عشرة جنيهات، رفضت وجاء تاكسي آخر، قال لي السائق: ادفعي ما تشائين، حين ناولته الخمسة جنيهات رفض وقال أريد ثمانية جنيهات، ضيعت وقتا في الجدل مع السائق الذي كان غليظ الصوت يستخدم لغة غير لائقة مما أصابني بالغضب، لم أكن يعلم أنه يستغل كوني امرأة مثقفة ووقتي ثمين وكرامتي أثمن، ولا أريد أن أهدرها في الشارع مع سائقي التاكسيات؛ لهذا حصل مني على مبلغ لا يستحقه، رغم أن هذا المبلغ ثلاثة جنيهات فقط إلا أن يومي كله تعكر، وسؤال ظل يلح علي كيف تركت هذا السائق يستغلني رغم ثقافتي ودفاعي الدائم عن العدل؟! تضايقت من نفسي لأني تنازلت عن حقي، كنت أعرف أن أي استغلال لا يمكن أن يحدث دون أن يتنازل الإنسان عن حقوقه، سواء كان فردا أو جماعة.

إن الشعب الذي يتنازل عن حقوقه يخلق الحاكم المستبد الظالم في الدولة، إن المرأة التي تتنازل عن حقوقها تخلق الزوج المستبد الظالم في الأسرة، إن الراكبة التي تتنازل عن حقها تخلق صاحب التاكسي المستبد الظالم في شوارع المدينة.

تعكر اليوم بسبب هذه الأفكار التي تزاحمت في رأسي، كنت أحضر اجتماعا في جامعة القاهرة أتحدث فيه عن الديمقراطية، ووجدتني أبدأ الحديث بأن أقول إن الإنسان أو الشعب الذي يتنازل عن حقه في الحرية لا يمكن أن يعيش الديمقراطية؛ لأن الديمقراطية سلوك يومي في الحياة، في البيت، وفي الشارع، وفي مكان العمل، في الحزب السياسي، وفي البرلمان وكل مكان، وحكيت ما حدث بيني وبين صاحب التاكسي، وبدأ الحاضرون جميعا نساء ورجالا يحكون تجاربهم الشخصية، وكيف أنهم يتنازلون عن حقوقهم كل يوم وكل لحظة من أجل أن يهرولوا إلى مواعيدهم وأعمالهم التي لا تحتمل التأجيل.

في طريق العودة إلى بيتي قررت ألا أتنازل عن حقي، ولن أدفع أكثر من خمسة جنيهات، وإن اضطررت إلى العودة سيرا على القدمين، وفعلا بدأت السير، وكنت متحمسة لهذه الحركة المتحدية لأصحاب التاكسيات، وأصابتني الحركة مع الحماس بشحنة من السعادة، وكانت الشمس مشرقة وهواء مايو منعشا، إلا أن المسافة بين الجيزة وحدائق شبرا بدت أمامي طويلة، وفجأة رأيت محطة «المترو»، كانت المرة الأولى في حياتي التي أرى فيها محطة مترو في القاهرة، لقد رأيت الكثير من محطات المترو في العالم، وركبت القطارات تحت الأرض (داخل الأنفاق) في معظم العواصم والمدن، توقفت لحظة وقلت لنفسي: ولماذا لا أركب المترو تحت الأرض! كنت أرى العمال يحفرون شوارع القاهرة منذ سنوات، وأسمع عن أن مدينة القاهرة سوف يكون لها قطارات تحت الأرض أو «مترو الأنفاق».

Unknown page