إلا أن سارة تحصل على ابنها إسحاق، كيف؟ لا نعرف، ولماذا كانت تقف وراء الباب تتسمع ما يدور بين الرب وزوجها إبراهيم، ولماذا كان الرب يستجيب لجميع طلباتها، ويأمر زوجها إبراهيم بطرد هاجر وابنها إلى الصحراء؟! وهل هناك إذلال للرجل وهو في التاسعة والتسعين من عمره أن يمسكه الرجال، يكشفون عورته، يقطعون غرلته بالموس أو قطعة من الحجر؟ لقد تلوث جرح إبراهيم ولم يلتئم إلا بعد زمن طويل من الألم والمعاناة، حتى إنه اشتكى للرب من الألم وطلب منه الرحمة. •••
ويظل الشعار القديم أو العهد القديم «الأرض مقابل الختان» غير مفهوم، وفي حاجة إلى دراسات أعمق لعصور العبودية والصراعات على السلطة والمال والأرض بين الجماعات البشرية المختلفة.
إلا أن عادة ختان الذكور مثل عادة ختان الإناث أصبحت تتوارث عبر الأجيال، رغم ما يصاحبها من مخاطر صحية مختلفة.
بل كثيرا ما حاول المجتمع البشري تبرير هذه العمليات الجسدية من أجل استمرارها، كانت السلطة الحاكمة في أي مجتمع في حاجة دائمة إلى التحكم في أجساد النساء والعبيد، وتقطع أجزاء منها لأسباب قمعية تتخفى تحت الدين.
ولهذا انتشرت الشائعات حتى بين الأطباء أن عمليات الختان للإناث والذكور ضرورية من أجل النظافة أو الصحة، أو لمنع الأمراض. •••
منذ أكثر من ثلاثين عاما حين نشرت كتابي «المرأة والجنس» ثارت السلطة الحاكمة في الدولة؛ لأن الكتاب تضمن بعض الفصول التي تكشف عن المخاطر الصحية الناتجة عن ختان الإناث، كان هذا الكتاب (والذي صودر عام 1969) هو فاتحة المشاكل في حياتي، والتي أدت إلى فقداني منصبي في وزارة الصحة في أغسطس 1972، رغم ذلك أصدرت الكتاب من بيروت عام 1971، وأعقبته بكتب أخرى على توالي السنين، نشرت كلها في بيروت أو معظمها.
لكني لم أتعرض في هذه الكتابات السابقة إلى المخاطر الصحية الناتجة عن ختان الذكور، كنت مشغولة بما تصورت أنه أهم من ذلك، كما أنني لم أكن عرفت بعد شيئا عن هذه المخاطر الصحية، وهي معلومات حديثة نسبيا، لم يتم نشرها في المجلات الطبية إلا في السنين العشر الأخيرة.
لحسن حظي وصلت إلي هذه المعلومات حين كنت أستاذة زائرة في جامعة ديوك بولاية نورت كارولينا، بأمريكا الشمالية، خلال الأعوام 93، 94، 95، وقد شهدت هذه السنوات الثلاث حركة طبية واسعة النطاق، وفي أنحاء متعددة من العالم لنشر المعلومات الجديدة عن مخاطر ختان الذكور، وساعدت الثورة الإلكترونية الأخيرة في سرعة نشر هذه المعلومات، وتكونت فرق من الأطباء تدعو إلى منع ختان الذكور، وتقدم للجماهير العادية المعلومات الطبية عبر الإنترنت تحت عنوان: «الأطباء يعارضون الختان» وبالإنجليزية
Doctors Opposing Circumcision . •••
في المعركة ضد ختان الإناث انتصرت الحقائق الطبية والعلمية، وصدر القرار في مصر بمنع ختان البنات عام 1997، وقد حسم المعركة السلطة الدينية في مصر حين أعلن شيخ الأزهر أن الختان مسألة طبية من اختصاص الأطباء، وليست مسألة فقهية.
Unknown page