Al-Kashkūl
الكشكول
Editor
محمد عبد الكريم النمري
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤١٨هـ -١٩٩٨م
Publisher Location
بيروت - لبنان
ثم كتب الفاضل الجار بردي في جوابه كلامًا معقدًا في غاية التعقيد، لا يظهر معناه ولا يطلع أحد على مغزاه، رأينا أن إيراده في أثناء البحث يشتت الكلام ويبعد المرام فأوردناه في ذيل المقصود مع ما رده خاتم المحققين.
وقال العلامة التفتازاني في شرحه للكشاف، الجواب عن هذا أمر تعجيز باعتبار المأتي به والذوق شاهد بأن تعلق من مثله بالإتيان يقتضي وجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتى منه بشيء، ومثل النبي في البشرية والعربية موجودة، بخلاف مثل القرآن في البلاغة والفصاحة، وأما إذا كان صفة السورة فالعجوز عنه هو الإتيان بالسورة الموصوفة ولا يقتضي وجود المثل بل ربما يقتضي انتفاؤه حيث يتعلق به أمر التعجيز، وحاصله أن قولنا إيت من مثل الحمساة ببيت يقتضي وجود المثل، بخلاف قولنا إيت ببيت من مثل الحماسة إنتهى كلامه. وأقول لا يخفى أن قوله يقتضي وجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتى منه بشيء يفهم أنه اعتبر مثل القرآن كلًا له أجزاء، ورجع التعجيز إلى الإتيان بجزء منه، ولهذا مثل بقوله إيت من الحماة الحماسة ببيت فكان المثل كتابًا أمر بالإتيان ببيت منه على سبيل التعجيز وإذا كان الأمر على هذا النمط فلا شك أن الذوق يحكم بأن تعلق من مثله بالإتيان يقتضي وجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتى بشيء منه، لأن الأمر بالإتيان بجزء الشي يقتضي وجود الشيء أولًا وهذا مما لا ينكر وأما إذا جعلنا مثل القرآن كليًا يصدق على كله وبعضه وعلى كل كلام يكون في طبقة البلاغة القرآنية فلا نسلم أن الذوق يشهد بوجود المثل ورجوع العجز إلى أن يؤتي بشيء منه بل الذوق يقتضي أن لا يكون لهذا الكلي فرد يتحقق والأمر راجع إلى الإتيان بفرد من هذا الكلي على سبيل التعجيز ومثل هذا يقع كثيرًا في محاورات الناس مثلًا إذا كان عند رجل ياقوتة ثمينة في الغاية قل ما يوجد مثلها يقول في مقام التصلف من يأتي من مثل هذه الياقوتة بياقوتة أخرى؟ ويفهم الناس منه أنه لا يوجد فرد آخر من نوعه، فظهر أنه على هذا التقدير لا يلزم تعلق من مثله بقوله فأتوا أن يكون مثل القرآن موجودًا فلا محذور ألا ترى أنهم لو آتوا على سبيل الفرض بأدنى سورة متصفة بالبلاغة القرآنية لصدق أنهم آتوا بسورة من مثل القرآن مع عدم وجوب كتاب مثل القرآن، وأما المثال المقيس عليه أعني قوله إيت من مثل الحماسة ببيت فهذا لا يطابق الفرض إلا إذا جعل مثل القرآن كلا فإن الحماسة تطلق على مجموع الكتاب فلابد أن يكون مثله كتابًا آخر أيضًا وحينئذ يلزم المحذور وأما القرآن فإن له مفهومًا كليًا يصدق
1 / 342