338

Al-Kashkūl

الكشكول

Editor

محمد عبد الكريم النمري

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition

الأولى

Publication Year

١٤١٨هـ -١٩٩٨م

Publisher Location

بيروت - لبنان

بينما الخاطر يقتطف من أزهار أشجار الحقايق رياها ويرتشف من نقاوة سلافة كؤوس الدقائق حمياها، ما كان يقنع باقتناء اللطائف، بل كان يجتهد في التقاط النواظر من عيون الطرايف، إذا انفتحت عين النظر على غرائب سور القرآن، وانطبعت في بصر الفكر بدايع صور الفرقان، فكنت لالتقاط الدرر أغوص في لجج المعاني، وطفقت في اقتناص الغرر أعوم في بحار المباني إذ وقع المحط على آية هي معترك أنظار الأفاضل والأعالي، ومزدحم أفكار أرباب الفضائل والمعاني كل رفع في مضمارها راية، ونصب لاثبات ما سنح له فيها آية، فرأيت أن قد وقع التخالف والتشاجر والمناقشة في التعاظم والتفاخر، حتى إن بعضًا من سوابق فرسان هذا الميدان قد تناصلوا عن سهام الشتم والهذيان، فما وقفوا في موقف من المواقف أبدًا وما وافق في سلوك هذا السلك أحد أحدًا. ثم إني ظفرت على ما جرى بينهم من الرسائل، واطلعت على ما أوردوا في الكتب في تحقيقات الأفاضل، فاكتحلت عين الفكر من سواد أرقامهم وانفتحت حدقة النظر على عرائس نتايج أفهامهم، وكنت ناظرًا بعين التأمل في تلك الأقوال إذ وقع سبوح الذهن في عقال الإشكال فأخذت أحل عقدها بأنامل الأفكار، واعتبروا دورها بمعيار الإعتبار، فرأيت أن الأسرار قد خفيت تحت الأستار، وأن الأجلة ما اعتنقوها بأيدي الأفكار، فما زلت في بساط الفكر أجول وما زال ذهني عن سمت التأمل لا يزول حتى آنست أنوار المقصود قد تلألأت عن أفق اليقين وشهدت بصحتها لسان الحجج والبراهين فرغبت أحقق المرام، وأحرر الكلام، في فناء بيت الله الحرام، راجيًا منه أن لا أزل عن الصواب وأن لا أمل عن الإجتهاد في فتح هذا الباب، سائلًا منه الفوز بالاستبصار عمن لا يفتر عين فهمه عن الإكتحال بنور التحقيق، ولا يقصر شأو ذهنه عن العروج إلى معارج التدقيق فوجدت بعون الله لكشف كنوز الحقايق معينًا، ولتوضيح رموز الدقائق نورًا مبينًا، ثم جعلت كسوة المقصود مطرزًا بطراز التحرير، ليكون في معرض العرض على كل عالم نحرير موردًا ما جرى بين الأجلة عند الطراد في مضمار المناظرة، وما أفادوا بعد الإختيار بمسبار المفاكرة، مذيلًا بما سنح لي في الخاطر الفاطر، وذهني القاصر. متوكلًا على الصمد المعبود، فإنه محقق المقصود.
ولما انتظم درره في سلك الإنتظام، ووسمت عليه بختم الاختتام، جعلت غرته مستنيرة بدعاء حضرت هي مقبل الأكاسرة والخواقين، ومعفر جباه أساطين السلاطين الذي خصه الله من البرايا بجميع المزايا، وأفاض عليه من سجال إفضاله أنواع العطايا جعل وفود الظفر في ركاب ركائبه، وجنود النصر مع جانب جنائبه، عم الأنام بغمام الإنعام، ومحى سواد الظلم عن بياض الأيام، وهو السلطان الأعظم والخاقان الأعدل الأكرم مالك رقاب سلاطين الأمم، خليفة الله في بلاده، وظل الله على عباده، حامي حوزة الملة الزهراء، الماحي سواد الكفر بإقامة الشريعة السمحة البيضاء، المجاهد المرابط في سبيل الله، المجتهد في إعلاء سنة رسول الله، المؤيد بلطف ال عباس بادشاه

1 / 340