166

في وصف زهده في الدنيا وسنته في رفضها وقناعته باليسير منها وعبادته

قال الخوارزمي ونقلته من مناقبه عن أبي مريم قال: سمعت عمار بن ياسر قال:

سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يا علي، إن الله تعالى زينك بزينة لم يزين العباد بزينة هي أحب إليه منها: زهدك فيها وبغضها إليك، وحبب إليك الفقراء فرضيت بهم أتباعا ورضوا بك إماما، يا علي، طوبى لمن أحبك وصدق عليك، والويل لمن أبغضك وكذب عليك، أما من أحبك وصدق عليك فإخوانك في دينك، وشركاؤك في جنتك، وأما من أبغضك وكذب عليك فحقيق على الله تعالى يوم القيامة أن يقيمه مقام الكذابين.

ومنه عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: رأيت على علي (عليه السلام) قميصا زريا [1] إذا مده بلغ الظفر، وإذا أرسله كان مع نصف الذراع.

ومنه قال عمر بن عبد العزيز: ما علمنا أن أحدا كان في هذه الامة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أزهد من علي بن أبي طالب، قال: حدثنا أبو النجيب سعد بن عبد الله الهمداني المعروف بالمروزي، قال: حدثنا بهذا الحديث عاليا عن الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الأصفهاني.

ومنه عن سويد بن غفلة قال: دخلت على علي بن أبي طالب القصر، فوجدته جالسا وبين يديه صحيفة (بالتصغير) فيها لبن حازر [2] أجد ريحه من شدة حموضته، وفي يده رغيف أرى قشار الشعير في وجهه، وهو يكسر بيده أحيانا، فإذا غلبه كسره بركبته وطرحه فيه، فقال: أدن فأصب من طعامنا هذا، فقلت: إني صائم، فقال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: من منعه الصوم من طعام يشتهيه كان حقا على الله أن يطعمه من طعام الجنة، ويسقيه من شرابها، قال: فقلت لجاريته وهي قائمة بقرب منه: ويحك يا فضة ألا تتقين الله في هذا الشيخ، ألا تنخلون [3] له طعاما مما أرى فيه من النخالة؟

فقالت: لقد تقدم إلينا أن لا ننخل له طعاما، قال (عليه السلام): ما قلت لها؟ فأخبرته، فقال: بأبي

Page 171