وإنما ذكرت هذا ليعلم أنه كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يميل إلى ولايته الأمر فيذكر ذلك مرة تعريضا ومرة تصريحا، وسأفرد فصلا أضمنه ما أورد عنه من تسميته أمير المؤمنين في عدة مواضع مصرحا بذلك في كل مشهد ومحفل، وعند كل مجمع (ولكن لا حياة لمن تنادى) وقد أنشدني بعض أصحابنا بيتين لهما نصيب من الحسن وحظ من اللطف والرشاقة، وهما:
أوصى النبي فقال قائلهم
قد ضل يهجر سيد البشر [1]
وأرى أبا بكر أصاب ولم
يهجر وقد أوصى إلى عمر
ومن كتاب مناقب الخوارزمي عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) طير، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فقلت: اللهم اجعله رجلا من الأنصار، فجاء علي فقلت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على حاجة، فذهب ثم جاء، فقلت له مثل ذلك، فذهب ثم جاء، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): افتح، ففتحت ثم دخل فقال: ما حبسك [2] يا علي؟ قال: هذه آخر ثلاث كرات يردني أنس، يزعم أنك على حاجة، قال: ما حملك على ما صنعت يا أنس؟ قال: سمعت دعاءك فأحببت أن يكون في رجل من قومي، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إن الرجل قد يحب قومه.
ونقلت من مناقب الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه عن حذيفة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي خير البشر من أبى فقد كفر، وعن حذيفة أيضا مثله.
ومنه قال: سئل حذيفة عن علي، فقال: خير هذه الامة بعد نبيها، ولا يشك فيه إلا منافق.
ومنه عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن علي بن أبي طالب خير من أخلف بعدي.
ومنه عن أبي سعيد الخدري قال: قال سلمان: رآني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فناداني فقلت: لبيك يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: اشهدك اليوم أن علي بن أبي طالب خير هم وأفضلهم.
ومنه عن أبي سعيد الخدري عن سلمان قال: قلت: يا رسول الله إن لكل نبي
Page 165