إني أرى أن الإنسان إنما نشأ من تأثير حرارة الشمس في طين الأرض. قال هيرودوتس إن طينة النيل في أيامه كانت تتحول إلى فيران، وإنه كان يمكن رؤية هذه الفيران في دور التكوين.» «من ملك مصر ملك الهند.» (2) قانون نابليون «لقد كان القانون الذي وضعته خيرا لفرنسا من مجموعة القوانين التي سبقته؛ وذلك نظرا لما ركب عليه من السهولة. إن مدارسي ونظام التعليم الذي وضعته آخذة في تهيئة نشأة جديدة لم تبصرها العين بعد.» «إن الحصافة وحسن التدبير في السياسة خير من الخديعة. أجل، فإن الدولاب الذي كان يديره سواس العهد الماضي قد أصبح لا يليق بهذا الزمان. على أني لا أدري لماذا نرجع إلى الخديعة إذا كان في استطاعة الإنسان أن يتكلم بصراحة وجد! إن الرياء والمداجاة من دلائل الضعف.» (3) التربية «إني أريد فئة من المعلمين ذات كيان خاص؛ لأن هذه الفئة لا تموت حتى تنقل إلى غيرها نظامها وروحها، أريد فئة يكون تدريسها أبعد من أن يتأثر بالظروف وما قد يكون فيها من مذاهب سخيفة، فئة تسير إلى غرضها ساهرة وإن نامت الحكومة، تتأصل مبادئها ونظامها فيها حتى تصبح أهلية ثابتة لا يستطيع أحد أن يمسها ... لا يمكن أن تكون السياسة ثابتة ما لم يكن التعليم ثابت المبدأ؛ فإنه ما دام الناس لا يعرفون ما إذا كان لا بد لهم أن ينشأوا جمهوريين أو كاثوليكيين أو ملحدين فلن تستطيع الحكومة أن توجد أمة، بل يظل عرشها على أساس غير مأمون الدعامة عرضة للفوضى واختلال النظام.» «مما يحزن له في هذا البلد أن الشاب الذي يريد أن يحصل العلم لا بد له أن يتخبط في الظلمات زمانا طويلا، ويضيع من أيامه سنوات يبحث فيها عن ضالته حتى يجد مورد العلم الحقيقي الذي ينشده ... إني أريد هذه الموارد. لقد شغلت بالي كثيرا؛ وذلك لأني كنت أشعر بالحاجة إليها عندما كنت أهم بأمر من الأمور أو عمل من الأعمال.» «إن النصر الحقيقي الذي لا يعقبه ندم إنما هو النصر على الجهل. كما أن أشرف منهج تنتهجه الأمم وأجدى عمل تعمله الشعوب إنما هو توسيع نطاق العقول.» «لا يملك الناس إلا بفضل العقل وقوة الحجى.» «لقد كان من أهم أغراضي أن أجعل العلم قريبا من كل متناول. لقد عملت على أن لا يتأسس معهد إلا على مبدأ التعليم المجاني. وإن طلب شيء فلا يكون إلا بحيث يستطيعه الفلاح، وكانت المتاحف مفتحة الأبواب للناس جميعا. ذلك بأن مجهوداتي كانت موجهة على الدوام إلى إنارة عقول الأمة بالعلم والعرفان لا إلى جعلها قطعانا من البهم بإطعامهم الجهل وتربيتهم على الخرافات. لو أنني كنت أفكر في مصلحة نفسي وفي البقاء على سلطتي كما يدعون لكنت طويت العلم ودفنته في غيابة الجب، ولكني لم أفعل، ولا ينبغي لي، بل وجهت عزمتي إلى نشر العلوم، ولكن لم يقدر لشبيبة فرنسا أن تنتفع بما أردته لهم، فلقد كانت الجامعة التي أنشأتها لهم آية في النظام والتدبير، كما أن نتائجها لم تكن لتقل عن ذلك جلالا.» (نقلا عن كتاب أبوت). «ما أعظم الناشئة التي تركتها من ورائي! كل ذلك من عملي، وسيكون فضل هذه الناشئة كفيلا أن يثأر لي. مهارة العامل تبدو فيما يعمل وتنصفه عند الحكم، فأما فساد حكم المرجفين وسوء نيتهم فسيزهق وتبدو أعمالي للمبصرين. لو لم أفكر إلا في نفسي وفي حفظ سلطتي وقوتي - كما يزعمون - لكنت طويت العلم، ولكني لم أفعل ولا ينبغي لي، بل وجهت عزمتي إلى نشر العلوم، ولكن لم يقدر لشبيبة فرنسا أن تنتفع بما أردته لهم، فلقد كانت الجامعة التي أنشأتها آية في النظام والتدبير، كما أن نتائجها لم تكن لتقل عن ذلك جلالا.» (نقلا عن كتاب لاكاس). (4) دين إنجلترا الأهلي «إن دين إنجلترا دودة ترعاها، بل هي سلسلة تلك الأغلال التي ستعوقها في سيرها؛ لأنه لا يمكنها أن تقوم بهذا العمل الثقيل حتى تستمر أثناء انفضاضها من الحروب في تناول تلك الضرايب الفادحة التي تقررها أيام الحروب، وسيقودها هذا بطبيعة الحال إلى زيادة أثمان المأكولات ودفع الناس من غير وعي إلى حالة من الشقاء مخيفة. عند ذلك يحدث أحد أمرين: إما أن تزداد أجور العمال بهذه النسبة، وعلى ذلك لا تستطيع المصنوعات الإنجليزية أن تنافس مصنوعات غيرها من الأمم في أسواق أوربا ويتبعها خسارة أصحاب المعامل أنفسهم، وإما أن تبقى أجور العمال كما هي فلا يصاب أصحاب المعامل بضرر، ولكن لا يقدر معها العمال على تحصيل حاجات العيش الضرورية. إن أول عناصر سعادة الأمة هو في وجود توازن بين مقدار الضرايب المقررة لحفظ ميزانية الحكومة وبين زيادة أجور العمل، ولكن الضرائب لسوء الحظ لا تثمر حتى تصل إلى الجماهير، ولكنها إذا كانت تؤثر في حالتهم المعيشية جلبت على الناس الشقاء والمصايب؛ لذلك يتحتم على إنجلترا أن تقاتل ذلك الوحش الضاري، دينها، بكل الوسائط السلبية والإيجابية، وبإنقاص مصروفاتها وزيادة تجارتها مع العالم. وفي حالة هذا الإنقاص يجب عليها أن لا تقتصد. ثم يجب عليها أن تعجل بالبتر إذا أنذرت الحال بالفساد. أما مسألة المرتبات والمعاشات ومصروفات جيشها البري فيجب أن يعجل فيها بالإصلاح. إن عظمة إنجلترا السياسية هي في حربيتها وليست في تلك الجيوش البرية التي ترسلها إلى أوربا بجوار تلك الجيوش الكبيرة جيوش الروسيا والنمسا وبروسيا.
كما أنه يقتضي لها أن تعجل بإصلاح تلك المفاسد العديدة التي تلم بأملاك أهل الدين فيها، وبإصلاح حالة الفلاحين في علاقتهم مع أصحاب الأرض، وبإصلاح حالة إرلندا في علاقتها بإنجلترا ذاتها، وبإصلاح المجاميع الذين يربون على ثلث مجموع سكان إنجلترا، وتخفيف تلك الأثقال الملقاة على أعناقهم بسبب معتقدهم الديني، ثم يمنح الناس جميعا تلك الحقوق والميزات التي منحتها للمنتخبين. إن الحالة الحاضرة ليست إلا غشا وتمويها يجعل حق انتخاب أغلبية أعضاء البرلمان في يد اللوردات والعرش، أما إرلندا فليس لها إلا خيال النيابة في البرلمان، ولكن الحقيقة أنها معتبرة مستعمرة من المستعمرات. لقد كان خيرا لها أن تكون كذلك، فإنها كانت لا تتحمل نصيبا من دين إنجلترا المتزايد المتصاعد، ولكنها الآن تتحمله وهي صاغرة.
إن فريق الأرستوقراطية في إنجلترا هم السادة الذين لا معقب لكلماتهم فيها، وهم إذا أذن في البلاد بوجوب الإصلاح ورأوا في هذا الإصلاح مسا لقوتهم وامتيازاتهم عمدوا إلى تلك الصرخة التي اعتادوها فقالوا بأن أساس الدستور في خطر. إنك إذا لمست هذا الأساس تهدم كل البناء فإذا هو خراب، وضاعت على الناس حريتها. على أنه لا شك أنه بالرغم مما في هذا الدستور من النقائص الفظيعة، لا تزال نتائجه، إذا أنت نظرت إليها وعرضتها في نور مدنية هذا العالم، ذات نتائج بهجة عظيمة. وهي هي التي تجعل الناس بما نزلت عليهم من البركات، يخشون أن يصيبهم الضرر إذا هم ناهضوه، ولكن ما أكثر هذه البركات! وما أشد اغتباط الناس بها إذا أدخل على هذا الدستور من الإصلاح الرشيد ما يجعل حركة ذلك الدولاب العظيم الجميل سهلا هينا.» (5) غلطات نابليون السياسية «لقد اقترفت ثلاث غلطات سياسية كبرى؛ فقد كان يجب علي أن أعقد صلحا مع إنجلترا بترك إسبانيا، وكان يجب أن أعيد مملكة بولاندا كما كانت وأن لا أذهب إلى موسكو، وكان يجب أن أعقد صلحا في درزدن أترك به هامبورج وبضع ممالك لم تكن ذات فائدة لي.» (6) حرية التجارة وحمايتها «لقد حرصت على أن لا أقع في غلطات رجال النظامات من حيث إيثار نفسي وتفضيل آرائي على حكمة الأمم. إن الحكمة الصادقة نتيجة التجارب؛ فالاقتصادي الذي يقول بحرية التجارة يقدم لنا غنى إنجلترا ورفاهيتها التجارية مثالا لذلك وقدوة يجب تقليدها، ولكن إنجلترا بلد الممنوعات، وأراها محقة في بضع أمور؛ لأن حماية التجارة ضرورية لتشجيع الصناعة في نشأتها. وفي هذه الحال لا يمكن الاستعاضة عنها بالجمارك، فإن التهريب يفسد غرض القانون، ولكن الناس في العادة إذا عمدوا إلى مثل هذه المسائل وهي ذات مساس برفاهية البلد بعدوا في حكمهم عن مواقع الصواب، على أنه يمكن القرب من الحقيقة إذا اتخذنا أساسا لأبحاثنا في هذا الموضوع هذا التفصيل الذي راعيته دائما في مسائل الزراعة والصناعة والتجارة؛ وهو تفصيل أغراض واضحة:
أولا:
إن الزراعة روح رفاهية الأمة وأساسها.
ثانيا:
إن الصناعة مال الشعب الحاضر ورفاهيته.
ثالثا:
إن التجارة الداخلية هي استعمال مواد الزراعة والتجارة استعمالا يعود بالفائدة.
رابعا:
Unknown page