التجارة الخارجية وهي استعمال الزائد من محصولات البلد والموفور من المملوك استعمالا مفيدا، بحيث تكون أهمية هذا الزائد قليلة في نظر صاحبها.» (7) فقدان الأهلية في وظائف الحكومة «إن الوزير الذي لا يكون كفوا لوظيفته يؤذي بلده باستخدام قوم في وزارته ممن لا ينظرون إلا بعينه ولا يفكرون إلا بعقله.» «إذا ذهب الرجل لينام في وظيفته وجب أن يقال؛ فإن التبديل يغري الناس بالعمل.» «لا يصح أن تسلم القيادة لرجال فوق الستين من العمر. أما ما يحسن أن يعطى لأمثالهم فهي الوظائف ذات الشرف. على أن يكون العمل المطلوب في هذه الوظائف قليلا، وإذا أنصفنا، لم يكن مطلوبا منها عمل على الإطلاق.»
وقال من خطبة في مجلس الشيوخ بعد حرب الروسيا سنة 1812: «إن جبناء العساكر، وضعاف النخوة من الجنود، هم الذين يقضون على استقلال الأمم، ولكن خائر العزم الضعيف من الموظفين يقضي على جلال القانون وحقوق العرش، ثم لا يقف ضرره عند ذلك، بل يتعداه إلى نظام المجتمع.
إني لما توليت أمر فرنسا وأخذت على عاتقي تقويمها دعوت الله أن يمدني بسنين طوال؛ لاعتقادي أنه إذا كان التخريب يتم في لحظة فالبنيان والتعمير لا يتمان إلا في زمان طويل.» «ألا إنه لا يعوز الحكومات أمر كموظفين ذوي شجاعة وصبر.» «كان أسلافنا يقولون: «مات الملك فليحي الملك»، وفي هذه الكلمات دليل على ذلك المبدأ المتأصل في نفوسهم، مبدأ أن النظام الملكي مفيد. لقد درست أميال أمتي بما فعلت في القرون الأخيرة وفكرت مليا فيما فعلوا في كثير من أحقاب التاريخ، وسأفكر أيضا في الموضوع بعد ذلك.» «الرجال في الدنيا كجماعة الموسيقى، كل عازف منهم يتقن دوره ولا يعرف سواه. كان (ناي) يحسن القيادة إذا هو تولى قيادة عشرة آلاف جندي، أما فيما عدا ذلك فما كان إلا أحمق مأفونا.» «إن في فرنسا كثيرا من رجال العمل والدربة، وإنما ينبغي أن ننقب عنهم ونمهد لهم سبيل البلوغ إلى المراتب التي هم أهل لها؛ فرب رجل تراه خلف المحراث وهو جدير أن يتبوأ مجالس الوزراء، ورب وزير جلس يدبر الأمر وهو حري أن يجري وراء المحراث.» «الكفاءة كيفما كانت، ومهما صغرت، يجب أن نبحث عنها وننزلها منزلها الجدير بها.» «يزعم نبلاء لوندرة وڤينا أن من حقهم أن يولوا أكبر أعمال الحكومة، وأعظم مصالحها، ويقوموا بتدبير أموال الأمة، كأنما نسبهم بديل مما ينقصهم من المقدرة والاستعداد، أو كأنما يكفي الإنسان منهم أن يدعى إلى أبيه ليعهد إليه بأخطر الشئون وأجل الأمور. ألا إنما مثلهم مثل أولئك الملوك الذين يزعمون أنهم إنما يستمدون سلطانهم من سلطان صاحب العزة والجلالة، فما الرعية في نظرهم إلا البقرة الحلوب، لا تراهم يبالون بما يصلحها، أو تراهم ينظرون في مرافقها ما دامت خزانتهم منزعة وتيجانهم مرصعة.» «لا أنكر أن مطامعي كانت كبيرة جدا، ولكنها كانت مطامع مستقرة على أميال الرأي العام. وكنت لا أفتأ أذكر أن الملك لا يقوم إلا بالأمة؛ لذلك كانت الإمبراطورية التي أنشأتها في حقيقتها جمهورية عظيمة. ولقد دعاني صوت الشعب إلى ارتقاء العرش، فكان دأبي تقديم الكفاءة بغير نظر إلى فوارق الأنساب. وما كانت تبغضني حكومات أوربا التي تقبض على مقاليدها فئة الأشراف إلا لهذا السبب، ومع هذا فإن الرجل في إنجلترا قد ترفعه مواهبه وأعماله إلى أعلى المراتب. فلعلكم قد أدركتم ما قصدت.» «الرأي العام قوة خفية غير مرئية يستحيل أن تقاوم، وليس هناك ما هو أكثر منه التواء وأشد منه إبهاما وأقوى بطشا وأسرع تقلبا! على أنه أعدل وأصوب مما يراه الكثيرون .
لما عينت قنصلا، كان أول ما بدأت به أنني نفيت خمسين فوضيا كان الرأي العام شديد الحنق عليهم، والبغض لهم، فسرعان ما عطف عليهم، ومال إليهم، فاضطررت إلى الرجوع في أمري. وما هي إلا برهة أظهر فيها أولئك الفوضيون نزوعهم إلى تدبير المؤامرات حتى انقلب ذلك الرأي العام الذي كان بالأمس معهم، إلى جانبي، وكذلك كان من جراء أغلاط ذاك العهد أن نرى الرأي العام منصرفا إلى جماعة من السفاحين كان يضطهدهم جمهور الناس قبل ذلك بقليل.» «المعقل الذي تمتنع فيه حرية الأمم إنما هو الرأي العام.» «الرأي العام على أهبة التسفل من أجل مصالحه في كل وقت.» «يجب أن يكون الإنسان قد مارس الذي مارسته، وقام بمثل ما قمت به من الأعمال؛ حتى يتسنى له أن يدرك الصعوبات التي تعترض العامل في سبيل فعل الخير. فربما انتهى العمل على غاية السرعة والإتقان إذا كان المقصود منه إقامة مدخنة أو حاجز أو تجديد أثاث في قصر من القصور الإمبراطورية لفائدة بعض الأفراد. فأما إذا كان المقصود منه توسيع حديقة التويلاري، أو تحسين بعض الأحياء، أو تنظيف مجرى من المجاري، أو نفع الجمهور، إلى مثل ذلك من الأعمال التي لا تعود بالفائدة الخاصة على شخص معروف، فقد وجدت الأمر يحتاج إلى استخدام كل وسائلي، واستعمال كل قواي، فكنت ربما كتبت ستة أو عشرة خطابات يوميا لإنجاز مثل هذا العمل، والترغيب فيه، ومن ذلك أنني أنفقت حوالي ثلاثين مليونا من الفرنكات في أعمال المجاري، وما كان لأحد أن يشكرني على القيام بهذا العمل لأنه مما لا ينتظر فيه شكر الأفراد، وأنفقت مثلها عوضا عن منازل هدمتها كانت قائمة في وجه سراي التويلاري لإنشاء الكاروسيل وإخلاء طريق اللوفر. لقد أنجزت أعمالا كثيرة، ولكن ما كنت أفكر فيه كان أعظم.» (8) القالات
أتى جامع الكتاب على جملة مطولة من خطاب أرسله نابليون إلى ناظر الداخلية في نوفمبر سنة 1807 يوصيه بعمل ثلاث ترع كبيرة؛ إحداها تمتد من ديجون إلى باريس، وثانيتها من نهر الرين إلى نهر ساءون، وثالثتها من نهر الرين إلى نهر شلدت. وقد جاء فيما اقتطف الجامع قول نابليون: «إني جعلت عظمة حكمي في تغيير وجه إمبراطوريتي، فالقيام بحفر هذه الترع العظيمة هو في مصلحة أمتي، كما أنه يرضيني. واعلم أنني أرى من المجد إبطال الشحاذة والتسول في بلادي؛ لذلك أريد القضاء عليهما قضاء مبرما. ليس يعوزنا المال للقيام بذلك، ولكني أرى السير إلى تحقيق هذه الأمنية بطيئا رخوا، في حين أن الزمان مجد في سيره لا يعبأ بنا. إلا أنه لا ينبغي لنا أن نقطع مراحل هذه الدنيا من غير أن نترك فيها أثرا يشرف ذكرانا لدى أعقابنا.
إني غائب عنك شهرا، فإذا جاء الخامس عشر من ديسمبر فتأهب للجواب على كل ما أسألك عنه يومئذ، فإن بين يديك من الوقت متسعا يكفي لفحص تفاصيل هذه الأمور، ليتسنى لي يومئذ أن أقضي على الشحاذة في كلمة واحدة أسطرها في إرادة من لدنا.
عليك أن تجد من الأموال الاحتياطية قبل الخامس عشر من ديسمبر المذكور مقدارا من المال يكفي للإنفاق على ستين أو مائة منزل يدفن فيها التسول، كما يجب أن تعين الأماكن التي ستقام فيها هذه المنازل، وتحضر قانونها. وإياك أن تسألني إمهالك ثلاثة أشهر أو أربعة حتى تستطيع جمع ما أريد من المعلومات؛ فإن بين يديك من الشبان العارفين بالأمور الحسابية والمديرين القادرين والمهندسين الأذكياء خلقا كثيرا، فاجعل أولئك يعملون لإنجاز هذا المشروع. ولا تنم تكتف بما يجري في نظارتك من الأعمال العادية.
واعلم أنه يجب أن تنفذ كل الأعمال الخاصة بإدارة الأشغال، حتى إذا ابتدأ الفصل اللطيف (لعله الربيع) ظهرت فرنسا في ذلك المنظر البهج بين العالمين، خالية من ظلمة الشحاذة على أرضها، سعيدة بأهلها، إذ ينبرون إلى تجميلها واستثمار ضياعها الواسعة ...
يجب عليك أيضا أن تجهز لي مشروعا يمكن به أن نحصل من تصريف مياه كوتنتين وروتشفورت، على مال نستطيع به أن نقوم بأعمال المنافع العمومية ولإتمام مشروع المصارف التي نحن مشتغلون بها الآن، ولحفر أخرى نريد اختطاطها.
إن ليالي الشتاء طويلة فاملأ حقيبتك، حتى نستطيع في ليالي ثلاثة شهور أن نبحث الوسائل التي تؤدي بنا إلى الوصول إلى نتائج يرتاح لها البال.» «كان كل همي أن تكون باريس عاصمة أوربا الحقيقية؛ فلقد طالما وددت لو أصبحت مدينة فيها مليون أو ثلاثة أو أربعة ملايين من النفوس - مدينة عظيمة لا يحد عظمتها الفكر كأنها من مدن الخرافات، لا يماثلها شيء - بحيث يكون فيها من المباني العامة والمناشئ القومية ما يليق بأهلها، فلو أن الله قد مد في حكمي عشرين سنة ووهبني قليلا من التفرغ لجعلت باريس آية من الآيات في جدتها حتى لم يبق للقدم فيها أثر منظور. لو أمدني الله بذلك لغيرت ما كان مقدورا لفرنسا.
Unknown page