قلنا ذلك ممنوع فيما ذكرنا من التفصيل لأن ما تنفيه الأدلة تخطئه كل الأمة فيما اتفقوا عليه وأما فيما لم يتفقوا عليه بأن يخطي بعض في مسئلة وبعض في أخرى فلا وإلا لزم أن يمتنع تجويز الخطأ على كل فرد في مجتهدي كل الأمة في أحكام متعددة ولا خلاف فيه لغير الإمامية وهذا (ما لم يرفع) القولين (الأولين) أو الأقوال الأولى بأن ينصوا على عدم جواز إحداثه أو رفع مقتضاهما مثاله أن يطأ المشتري الجارية البكر ثم يجد بها عيبا فقيل الوطء يمنع الرد وقيل بل يردها مع أرش النقصان وهو تفاوت قيمتها بكرا وثيبا فالقول بردها مجانا قول ثالث رافع للأولين (1). [*] والله أعلم.
(وكذلك) أي كإحداث قول ثالث لم يرفع الأولين يجوز لهم أو لبعضهم أو لغيرهم (إحداث دليل وتعليل وتأويل ثالث) أو رابع أو أكثر ما لم ينصوا على عدمه ولم يرفع مقتضى أقوالهم إذ لم تزل العلماء يستخرجون الأدلة والعلل والتأويلات المغايرة لأدلة من تقدمهم وعللهم وتأويلاتهم من غير نكير من أحد بل يمدحون به ويعدلهم فضلا فكان إجماعا على جوزاه أما لو غير مقتضى قولهم من الحكم فلا كالقول الثالث الرافع للقولين ومثاله لو علل بعضهم تحريم بيع البر بالبر متفاضلا بالكيل وآخر بالطعم فجاء من بعدهم علله بالاقتيات فإنه لا يجوز لرفعه القولين الأولين المتضمنين للإجماع على تحريم بيع الملح بمثله كذلك وتجويز علته ذلك
واعلم أن الإجماع ينعقد إما بالقول أو الفعل أو الترك أو السكوت مع الرضى أو ما أمكن تركيبه منها وأنه ممكن لوقوعه وكذا العلم به ونقله إلينا.
Page 165