Al-fiqh al-muyassar fī ḍawʾ al-kitāb waʾl-sunna
الفقه الميسر في ضوء الكتاب والسنة
Publisher
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
Genres
وقد أجمع المسلمون في جميع الأمصار على وجوبها، واتفق الصحابة على قتال مانعيها.
فثبت بذلك فرضية الزكاة بالكتاب، والسنة، والإجماع.
المسألة الثالثة: حكم من أنكرها:
من أنكر وجوب الزكاة جهلًا بها، وكان ممن يجهل مثله ذلك: إما لحداثة عهده بالإسلام، أو لكونه نشأ ببادية بعيدة عن الأمصار، عُرِّف وجوبها، ولم يحكم بكفره، لأنه معذور.
وإن كان منكرها مسلمًا ناشئًا ببلاد الإسلام وبين أهل العلم، فهو مُرْتَدٌّ تجري عليه أحكام الردة، ويستتاب ثلاثًا، فإن تاب وإلا قُتل؛ لأن أدلة وجوب الزكاة ظاهرة في الكتاب والسنة وإجماع الأمة، فلا تكاد تخفى على من هذا حاله، فإذا جحدها لا يكون إلا لتكذيبه الكتاب والسنة، وكفره بهما.
المسألة الرابعة: حكم مانعها بخلًا:
من منع أداء الزكاة بخلًا بها مع اعتقاده بوجوبها، فهو آثم بامتناعه ولا يُخرجه ذلك عن الإسلام؛ لأن الزكاة فرع من فروع الدين، فلم يكفر تاركه بمجرد تركه، لقوله ﷺ عن مانع الزكاة: (ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) (١) ولو كان كافرًا لما كان له سبيل إلى الجنة، وهذا تؤخذ منه الزكاة قهرًا مع التعزير، فإن قاتل دونها قوتل حتى يخضع لأمر الله تعالى، ويؤدي الزكاة؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) [التوبة: ٥].
وقوله ﷺ: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني
(١) أخرجه مسلم في صحيحه برقم (٩٨٧) وهو جزء من الحديث الطويل في إثم مانع الزكاة، وفيه: أن مانع زكاة الذهب والفضة يعذب بها في نار جهنم، ثم يرى سبيله إلى الجنة أو النار.
1 / 122