يريد أجبروا.»
قلت: نعم وهي كذلك، كان على الأستاذ العقاد أن يتثبت فيما يقول قبل أن يكتب مهولا: «في أول شطرة من أول بيت»، كأنما أنزل على الأرض كسف من السماء فخربت، راجع الفيروزآبادي وغيره حتى أصغر المعاجم لتعلم تعنت العقاد، إننا نسأل العقاد وأضرابه: من أين جاءت الجبرية؟ - الطائفة التي تقول إن الإنسان مجبور لا اختيار له ولا قدرة، وإن الله قدر عليه أعمالا لا بد أن تصدر منه - أنغلط كل من قالوا الجبر الجبرية، لنخطئ جبران؟ فما رأيت المجبرة إلا لابن النديم.
نعم إن جبر لغة تميم، ولكن الذين تكلموا بهذا الحرف وجاروا بني تميم فيه كلهم عرب صحاح اللسان، أيظل هؤلاء الذين يحلو لهم أن يكونوا جبران يسقطون على هذه السفاسف التي لا تعلي ولا تسقط! لست أنكر أن جبران في نثره أشعر منه في نظمه، ولكنه كيفما دارت به الحال، لا يقل عن العقاد نغمة شعرية على قلة ممارسته النظم، بل يفوقه كثيرا.
ثم قال العقاد: «لم ننته من الصفحة إلا على خطأ ثان في قوله:
فأفضل الناس قطعان يسير بها
صوت الرعاة، ومن لم يمش يندثر
والواجب جزم يندثر.»
قلت: لا يا أستاذنا العلامة! الجزم غير واجب، فمن هنا اسم موصول، ومثل هذا كثير في كلامهم، فليراجع الأستاذ العقاد كتب النحو، وإن شاء فأنا أدله «مغني اللبيب»، ولا أشك في أنه ذاك، فليفتح صفحة 19 من الجزء الثاني طبعة سنة 1302 هجرية، على صاحبه وآله أفضل الصلوات وأذكى التحية.
ثم قال العقاد: «هذا وليس في الصفحة إلا أربعة أبيات»، ليوهمنا أن «مواكب جبران» الراقصة من سقط المتاع، ولكن العقاد كان أسود البخت فأخطأ الغرض ونقد الحبة بمنقار أعوج فأفلتت منه سالمة.
ثم انتقل العقاد من نقد المبنى إلى نقد المعنى فقال:
Unknown page