بيت يقال إذا أنشدته صدقا
فشعرك يا عبد الله الفيصل «هو الشعر» كما قلت في ختام مقدمة ديوانك «وحي الحرمان»، إن شعرك قوامه الصدق، وملاكه الاعتراف الواضح الذي يريح وينقي ويطهر، وسمو شعرك هو في تلك اللمعات الخاطفة والوثبات العالية، التي تدل على الشاعرية كما تدل الخضرة على الينبوع المكبوت في قلب الأرض .
فلا تحسن بالحرمان لأنك خامس الأسماء الخمسة - ذو مال - فليس لأجل هذا المال تمدح وتوقر، فكم من ذي مال يبخل عليه باللعنة، أنسيت أن الخلفاء مدحوا، والأمراء مدحوا؟ إن المتنبي مدح سيف الدولة وكان يأخذ من ماله، ومع ذلك ما رأينا أحدا من هؤلاء أحس بما أحسست أنت به من حرمان، ربما أنك كنت تحس بالحرمان قبل أن نفحت الأدب بهذا الديوان، أما الآن فما بالك؟!
نحن نعجب بالرجل إذا كان ذا موهبة، ولكنه إذا كان محروما من المواهب وعنده مال قارون، وملك هامان، وسلطان فرعون، فهذا هو المحروم حقا، وماذا نعمل له؟ هب أننا استطعنا أن نعمل الأبيض أسود أفنستطيع أن نصير الأسود أبيض؟
لقد حاولت أن أنتقدك نقدا مرا ولكني لم أستطع؛ لأني لم أجد المرعى الذي يدر عليه قلمي، إنك شاعر مطبوع، ومن لا يتعمل ويخالف الطبع فليس لنقدي في جلده نصيب.
إن حبك الشعب الذي ينضح به ديوانك جرأني على مخاطبتك بيا عبد الله، وكيف لا أسميك وأنت قد خاطبت الشعب، شباب بلادك، بمثل هذا القول:
مرحى، فقد وضح الصواب
وهفا إلى المجد الشباب
عجلان ينتهب الخطى
هيمان يستدني السحاب
Unknown page