... فإذا تحقق الشرط وهو مجيئه مستغفرا ترتب عليه الجزاء، وهو وجدان الله تعالى توابا رحيما، والمجيء إليه عليه وآله الصلاة والسلام أعم من أن يكون في حياته، أو بعد انتقاله بل بعده أبسط حضورا لمن قصده. ولا شك أن التوجه إلى وجهته الروحية، مع التمثل بين يديه بالجثمان، أكمل، وأجمع للفضائل. وإذا كان الظالم نفسه هكذا في زيادته، فكيف بالصالح، فضلا عن التقي، والعارف المتحقق؟! وكلام الله تعالى حق، ووعده صدق، فمن لم يجد الله تعالى في زيارته النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فليراجع نفسه الغبية، فإنه إما أخل بالشرط، أو وجده سرا، وجدانا بسيطا، غيبيا، منزها عن الكمية، مجهول الكيفية، وما تحقق علما يقينا مركبا تصديقيا شهديا، فلا يلومن إلا نفسه القاصرة. فإنه لا منع في فيض الحق، ولا ضيق في جاه المزور، بل القصور من قبل الزائر، وتحقيق هذا الوجدان إن وجده إن كان بمعنى أدرك، أو صادف، فهو يتعدى إلى مفعول واحد، وهو الوجد السري البسيط المجهول لكم كيف، أعني الحضور الإشراقي عين العالم والمعلوم، وإن كان بمعنى علم من أفعال القلوب، فهو يتعدى إلى مفعولين بمعنى التصديق المركب، المتضمن للحكم الإيقاعي، أو الانتزاعي، أعني: علم العلم المسمى بالحصولي، والأول العلم الحضوري الإشراقي، وهو علمه سبحانه وتعالى بذاته، وجميع صفاته، وبالعالم الذي هو فعله، وعلم الملأ الأعلى، وعلم الإنسان بذاته ولوازمها الأول كذلك حضوري، بمعنى الانكشاف التام بغير غيبه.
Page 51