68

Jawahir Quran

جواهر القرآن

Investigator

الدكتور الشيخ محمد رشيد رضا القباني

Publisher

دار إحياء العلوم

Edition Number

الثانية

Publication Year

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

Publisher Location

بيروت

من رغبَتُهُ في فتح أبواب المعارف، لينظر إلى مَلَكوت السماء والأرض، وجلالِ خالقها ومُدبرها، أكثرَ من رغبته في المَنْكُوحِ والمأكولِ والملبوس، وكيف لا تكون هذه الرغبة أكثرَ وأغلبَ على العارف البصير وهي مُشارَكَةٌ للملائكة في الفِرْدَوس الأعلى، إِذْ لا حظَّ للملائكة في المَطعم والمَشرب والمَنْكَحِ والملبس. ولعل تمتُّعَ البهائم بالمَطعم والمَشرب والمَنكَحِ يزيد على تمتُّع الإنسان، فإن كنتَ ترى مُشاركة البهائم ولَذَّاتِهم أحقّ بالطلب من مساهمةِ الملائكة في فَرَحهم وسرورهم بمطالعة جمال حَضرةِ الرُّبوبِيَّة، فما أشدَّ غَيَّك وجَهْلَكَ وغَباوتك! وما أخَسَّ هِمَّتَكَ! وقيمَتُكَ على قدر هِمَّتِك. وأما العارِفُ إذا انفتح له ثمانية أبوابٍ من أبواب جنَّةِ المعارف، واعْتَكَفَ فيها، ولم يلتفت أصلًا إلى جنة البُله فإن أكثر أهل الجنة البُله، وعِلِّيُّونَ لذوي الألباب كما ورد في الخبر. وأنتَ أيضًا أيها القاصرُ هِمَّتَكَ على اللَّذات قَبْقَبَةً وَذَبْذَبَةً كالبهيمة، ولا تُنكِرُ أن درجات الجِنَان إنما تُنال بفنون المعارف، فإن كانت رياضُ المعارف لا تستحق في أن تُسَمَّى نفسُها جنة، فتستحقُّ أن يُسْتَحَقَّ بها الجنة، فتكون مفاتيحَ الجنَّة، فلا تُنْكِرْ في الفاتحة مفاتيحَ جميع أبواب الجنة.

1 / 72