Jawabat Fi Imama
رسائل الجاحظ
Investigator
عبد السلام محمد هارون
Publisher
مكتبة الخانجي، القاهرة
Publication Year
1384 ه - 1964 م
Genres
Rhetoric
Your recent searches will show up here
Jawabat Fi Imama
al-gahiz d. 255 AHرسائل الجاحظ
Investigator
عبد السلام محمد هارون
Publisher
مكتبة الخانجي، القاهرة
Publication Year
1384 ه - 1964 م
Genres
وأي داء هو أردى من طبيعة تردي، وشهوة تطغي؟ ! ومن كان لا يعد الداء إلا ما كان مؤلما في وقته، ضاربا على صاحبه في سواد ليله وبياض نهاره، فقد جهل معنى الداء. وجاهل الداء جاهل بالدواء.
ولكنا نقول: لا يجوز أن يلي أمر المسلمين على ظاهر الرأي والحزم والحيطة أكثر من واحد، لأن الحكام والسادة إذا تقاربت أقدارهم وتساوت عنايتهم قويت دواعيهم إلى طلب الاستعلاء، واشتدت منافستهم في الغلبة.
وهكذا جرب الناس من أنفسهم في جيرانهم الأدنين في الأصهار وبني الأعمام، والمتقاربين في الصناعات، كالكلام، والنجوم، والطب والفتيا، والشعر، والنحو والعروض، والتجارة، والصباغة، والفلاحة أنهم إذا تدانوا في الأقدار، وتقاربوا في الطبقات، قويت دواعيهم إلى طلب الغلبة، واشتدت جوانبهم في حب المباينة، والاستيلاء على الرياسة.
ومتى كانت الدواعي أقوى كانت النفس إلى الفساد أميل، والعزم أضعف، وموضع الروية أشغل، والشيطان فيهم أطمع؛ وكان الخوف عليهم أشد، وكانوا بموافقة المفسد أحرى، وإليه أقرب.
وإذا كان ذلك كذلك فأصلح الأمور للحكام والقادة، إذا كانت النفوس ودواعيها ومجرى أفعالها على ما وصفنا، أن ترفع عنهم أسباب التحاسد والتغالب، والمباهاة والمنافسة.
Page 303