واقر إخواننا علماء أهل زوارة ان الحق في غير الأصول مع كل من المختلفين فيه ممن له اجتهاد بمعنى ان الله تعالى جعل قول كل واحد منهم حقا عنده وهو قول وقيل الحق مع واحد فقط وقد يخطئون جميعا ولا إثم على المخطئ وهو الصحيح وهذا مذهبنا والخلاف كثير في ذلك والأشغال الكثيرة مانعة لي من بسط المسائل وعن أبي الحسن الأشعري والباقلاني كل مجتهد في غير الأصول وهو الفروع مصيب وحكم الله فيها تابع لظن المجتهد فما حكم به فهو حكم الله تعالى في حقه وحق مقلده وقال أيضا أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وابن سريج كل مجتهد فيها مصيب كذالك الحق في ذلك موافق حكم الله وهو الحكم الذي لو نزل الوحي لنزل به ولم ينزل ولكن جعل الحكم تابعا لظن المجتهد وما مسألة إلا لها مناسبة خاصة ببعض الأحكام بعينه بحيث لو أراد الله إظهار الحكم لحكم به وأظهره ومن لم يصادف ذالك أصاب اجتهادا لا حكما وابتداء اعني إفراغ الوسع لا انتهاء اعني لم ينته إلى ما هو الحق عند الله والحق ان المصيبة فيها واحد كما مر وعليه الجمهور ولله فيه حكم معين قبل الاجتهاد لا دليل عليه لكن يصادفه ان شاء الله ومن أصابه فهو المصيب ومن أخطأه فهو المخطئ وللمصادفة أسباب وذلك كمن حفر لقضاء حاجة الإنسان فصادف كنزا وقال بعض قومنا لله فيها حكم قبل الاجتهاد وللمجتهد عليه دليل المجتهد مكلف بقصد إصابة الحكم لإمكان إصابته ولكن لا إثم عليه ان لم يصبه بل له اجر اجتهاده ولم يكلف بتحصيل الإصابة وصحح بعضهم هذا القول وقيل لم يكلف بإصابته لغموضه والتكليف بها تكليف بما لا يطاق وزعم بعض انه يأثم بخطئه وأما الأصول فالمصيب فيها واحد ويقطع فيها العذر بالخلاف ممن يجتهد وغيره ولا يجوز فيها الخلاف وكل يدعي ذلك الواحد والحق فيها كالشمس ولو صد عنه خبث النفس وزعم العنبري والجاحظ انه لا يأثم من اخطأ فيها مطلقا فيخاطب المشرك بها كما خوطب بالتوحيد فيكفر بالخطأ في سائر الأصول كفرا دون الشرك وقيل يأثم وقيل لا يأثم المخطئ فيها ان كان موحدا وقال العنبري المجتهد في الأصول مصيب أي محكوم له بأنه لم يأثم ولو لم يوافق ما هو الحق عند الله قيل إن كان موحدا والأصول ما مرجعه إلى التوحيد بلا واسطة أو بواسطة وقيل ما مرجعه العقل لا إلى النقل وقد يشدد أصحابنا في بعض الأمور لقوة أدلتها فيتوهم أنه من الأصول المذكورة وليس منها كالخلود في النار وأما ما ورد فيه النص ولم يطلع عليه قوم فاختلفوا فالصحيح قطع عذر من خالفه وقيل فيه الخلاف السابق في الأصول وصحح بعض قومنا أنه لا يأثم وأقر إخواننا علماء أهل زوارة بأن الحرام المجهول العين محطوط فيه قلت مثل أن يتزوج امرأة لا يدري أنها أخته فهو معذور ونسب ما ولد ثابت فولده منها ابن له وهو أب للإبن وخال له قلت فالحرام المجهول في حق مفارقه حلال يجزي له أداء الواجب منه والمندوب ويثاب على ذلك ويعاقب إن لم يفعل وقد قال بعض علماء أهل زوارة بخلاف ذلك ولا يقبل عنه فليتب إلى الله تعالى وأما الحرام المجهول التحريم فلا عذر فيه مثل أن يعلم ان هذه ميتة ويأكلها بجهله أن الميتة حرام وأن ذلك الحيوان خنزير ويأكله لجهله تحريمه وفي بعض الكتب المقارف لمجهول العين ومجهول التحريم غير معذور والمقارف لمجهول الصفة معذور وفي الأثر قال بعض غيرنا الحرام المجهول العين حلال تتعلق به أحكام الحلال كلها وقال بعض هو حرام يعاقب متناوله ولا تتعلق به الحقوق وإن الحرام المجهول إن تداوله المكلفون مع علمهم بكونه حراما لزم كل واحد قيمته لربه يدفعها له واحد منهم ويرجع بها أي لمتلفه إن لم يكن هو المتلف له وإن المغصوب إذا وجده صاحبه عند الغاصب كان مخيرا بين أخذه وقيمته وقال أبو عبيدة رحمه الله إن شاء الغاصب رده وإن شاء أعطى قيمته قلت بل لابد لصاحب المغصوب أن يأخذ ما غصب إذ وجد بعينه وإن تلف فله مثله إن كان مكيلا أو موزونا وإلا فقيمته والجواز الحرام المجهول العين لا إثم فيه لأنه لا يميز بالعلم وإنما يميز بالوحي وحقوقه كالزكاة واجبه ومثاب عليها وهو عيش أهل آخر الزمان ولا يستجاب لآخذه دعاء الدنيا ويستجاب له دعاء الآخرة والحق يستجاب له دعاء الدنيا والآخرة لأنه معذور وأبو إسحاق يقول مجهول العين معذور فيه ومن مجهول الصفة ما لم يعلم أنه لغير من باعه أو لم يعلم أنه مدبر وكذا غير البيع فإنه يعذر في مجهول الصفة كتسري المدبرة بلا علم بأنها مدبرة ومثال مجهول العين جهل أن هذا المائع خمر أو إن هذا الحيوان خنزير والمتفق على عدم العذر فيه هو مجهول التحريم كما إذا عرف أن هذا خمر وجهل تحريمها والصحيح لا عذر في مجهول العين أيضا لامتناع الإقدام على شيء قبل ان يعلم حكم الله تعالى فيه بالحل أو الحرمة ولحم الكلب تحت الشحم عكس الشاة إلا إن أرضعتها كلبة فتحت شحمها وسائر الحيوان كالشاة إلا الخنزير فطبقة لحم وطبقة شحم وطبقة شحم وطبقة لحم ومن جهل هذه الصفات فوافق كلبا أو خنزيرا لم يعذر ورخص أن يعذر ومن قال أو فعل بلا علم فوافق الحق هلك وقيل هلك في القول وعصى في الفعل وقيل هلك في القول وكره له التقدم في الفعل وقيل يكره له القول ولا بأس في الفعل وإن لم يوافق هلك ومن تسرى أمة فإذا هي حرة عذر وذلك من مجهول الصفة وفي شرح النيل بسط مثل ذلك وأقر إخواننا علماء أهل زوارة بان المشركين يدعون إلى التوحيد والمخالفين من أهل التوحيد يدعون إلى ترك ما به ضلوا وهذا حق وأنكروا أن ينسب إليهم غيره وأقر إخواننا علماء أهل زوارة بالوقوف في أطفال أهل الشرك وأهل النفاق ولم يرضوا بنسبة غير ذلك إليهم قلت هذا قول مشهور والذي أقول به أنهم في الجنة والله يمن بالرحمة ولا يظلمهم بذنوب آبائهم وليست الآخرة دار تكليف فلم يصح حديث اختبارهم باقتحام نار توقد لهم فينجو من اقتحمها ويدل على عدم صحته قوله (ص) أنهم في الجنة خدم لأهلها وإنما وقف (ص) فيهم قبل أن يسأل الله تعالى فيهم فيجيبه بأنهم من أهل الجنة وقد جاء عنه إلى آله سألت ربي في اللاهين فأعطانيهم خدما لأهل الجنة يعني أطفال الأشقياء لأن أطفال السعداء مع آبائهم في درجتهم تقر أعينهم بهم فاللاهون في الحديث أطفال المشركين والمنافقين وأقر علماؤنا أهل زوارة بأن بعضا منهم أجاز التقية من الموت بشرب الخمر وأنكر عليهم ولإنكار عليه حق وهو المشهور أنه لا تجوز التقية بالفعل فيموت ولا يشرب الخمر فإن شرب حد وأجاز بعض العلماء التقية بشرب الخمر ونحوها وأكل الأنجاس كلها والميتة والدم ولحم الخنزير والبول والغائط وأجاز بعض التقية بأكل مال الغير والانتفاع به وأجاز بعض التنجية من الجوع والعطش والحق جواز التقية بمال الغير وكذا التنجية من جوع أو عطش مهلك لأن صاحب المال لو حضر للزمه تنجيته به من قتل أو موت إلا إن كان أكله يموت صاحبه جوعا وكأكله إفساده وأجاز بعض المعتزلة بفعل جميع المعاصي قياس على القول إلا ما فيه الظلم وزعم بعض أنه تجوز التقية بالزنا وهو قول باطل فإن زنا حد ولزمه العقر وقيل لا حد ولا عقر وإن أكره على القذف فقيل يقذف وقيل لا وإن أكره على القتل قتل هو ومكره لحديث لو اجتمع على النفس المقتول في اليمن أهل اليمن لقتلتهم وقيل يقتل وحده وقيل يقتل مكرهه وحده وأجاز أبو عبد الله محمد بن بركة التقية بالقذف وهو قول ضعيف وأجازها بعض بالقذف وشهادة الزور والإفتاء بغير حق في كسل ما يقول باللسان وأقر إخواننا أهل زوارة بعدم جواز إمامة المفضول أو تقدمه مع وجود الفاضل وتمكنه من الإمامة والتقدم قول من جملة الأقوال لا بأس به ولكن الصحيح جواز ذلك بالنظر إلى المصلحة والحكمة وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف بعض الصحابة وصلى وراء الصديق حين مرض ولو شاء لصلى قاعدا لمرض وصلى الصديق وراءه قائما وقد قدم إلى بلدة ووجد إمامها يريد الصلاة فقدم رسول الله صلى عليه وسلم فأبى فصلى إمام البلد وكذا أمراءه يدخلون البلاد فيريد أهلها تقديمهم فيأبون فيصلون خلف أئمة البلدان وهم أفضل من أئمة البلدان وذلك من جملة الحكمة وقد رخص رسول اله صلى الله عليه وسلم في إمامة الأرقاء للأحرار ولذلك كان ذكوان غلام عائشة يومها في دارها وكان سالم مولى حذيفة وعمرو مولى عائشة يؤمان الناس وهما رقيقان لما يعتقا وكان سالم يصلي بالمهاجرين الأولين قيل وفيهم عمر بن الخطاب وصلى ابن عمر خلف مولى في مسجد في الطائف وقد قال صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل بار وفاجر وكان ابن عمر يصلي خلف الصفرية وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف الحجاج وفي الحديث من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم وفي الحديث صاحب المنزل أحق بالإمامة وأما بعث طالوت فلا دليل فيه لأنه كرسول داود وخادمه كما يبعث الرسول الصحابة أئمة في القتال أو غيره واشتكى إخواننا من أهل زوارة أن الناس ينسبون إليهم أقوالا هي لعيسى بن عمير وعبد الله بن عبد العزيز قلنا نعم ليسا على مذهب أهل زوارة بل من فرقة تقدمت قبلهم تسمى العمرية. وفي هذا كفاية إن شاء الله ألهمنا وإياكم الرشد لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا ملجأ من الله إلا إليه وصلى الله على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم.البلدان وهم أفضل من أئمة البلدان وذلك من جملة الحكمة وقد رخص رسول اله صلى الله عليه وسلم في إمامة الأرقاء للأحرار ولذلك كان ذكوان غلام عائشة يومها في دارها وكان سالم مولى حذيفة وعمرو مولى عائشة يؤمان الناس وهما رقيقان لما يعتقا وكان سالم يصلي بالمهاجرين الأولين قيل وفيهم عمر بن الخطاب وصلى ابن عمر خلف مولى في مسجد في الطائف وقد قال صلى الله عليه وسلم صلوا خلف كل بار وفاجر وكان ابن عمر يصلي خلف الصفرية وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف الحجاج وفي الحديث من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم وفي الحديث صاحب المنزل أحق بالإمامة وأما بعث طالوت فلا دليل فيه لأنه كرسول داود وخادمه كما يبعث الرسول الصحابة أئمة في القتال أو غيره واشتكى إخواننا من أهل زوارة أن الناس ينسبون إليهم أقوالا هي لعيسى بن عمير وعبد الله بن عبد العزيز قلنا نعم ليسا على مذهب أهل زوارة بل من فرقة تقدمت قبلهم تسمى العمرية. وفي هذا كفاية إن شاء الله ألهمنا وإياكم الرشد لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم لا ملجأ من الله إلا إليه وصلى الله على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم.
----NO PAGE NO------
Unknown page