223

Jamic Rasail

جامع الرسائل

Investigator

د. محمد رشاد سالم

Publisher

دار العطاء

Edition Number

الأولى ١٤٢٢هـ

Publication Year

٢٠٠١م

Publisher Location

الرياض

هَذَا هُوَ الَّذِي يجده بَنو آدم فِي نُفُوسهم كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس وَلَقَد جَاءَهُم من رَبهم الْهدى [سُورَة النَّجْم ٢٣] وَإِذا كَانَ الْإِنْسَان مَأْمُورا بِطَلَب الْعلم الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ بِحَسب إِمْكَانه وَهُوَ إِذا لم يجد الْعلم اليقيني يعلم أَنه لم يجد الْعلم فَهُوَ مَأْمُور بِالطَّلَبِ وَالِاجْتِهَاد فَإِن ترك مَا أَمر بِهِ كَانَ مُسْتَحقّا للذم وَالْعِقَاب على ذَلِك فَإِذا تبين لَهُ الْحق وَعلمه وَعلم أَنه كَانَ جَاهِلا بِهِ مُعْتَقدًا غير الْحق كَانَ تَائِبًا بِمَعْنى أَنه رَجَعَ من الْبَاطِل إِلَى الْحق وَإِن كَانَ الله قد عفى عَنهُ مَا رَجَعَ عَنهُ لعَجزه إِذْ ذَاك وَكَانَ أَيْضا تَائِبًا مِمَّا حصل فِيهِ أَولا من تَفْرِيط فِي طلب الْحق فكثير من خطأ بني آدم من تفريطهم فِي طلب الْحق لَا من الْعَجز التَّام وَكَانَ أَيْضا تَائِبًا من اتِّبَاع هَوَاهُ أَولا بِغَيْر هدى من الله فَإِن أَكثر مَا يحمل الْإِنْسَان على اتِّبَاع الظَّن المخطىء هُوَ هَوَاهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن وَمَا تهوى الْأَنْفس وَلَيْسَ تَوْبَة هَذَا وحاله كَحال من كَانَ عَاجِزا عَن الْفِعْل ثمَّ قدر عَلَيْهِ كَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُطيق الْقيام إِذا قدر عَلَيْهِ بعد ذَلِك وكالخائف إِذا أَمن وكالمصلي بِتَيَمُّم وَنَحْو هَؤُلَاءِ وَذَلِكَ أَن هَؤُلَاءِ إِذا كَانَت إرادتهم للْفِعْل الْمَأْمُور بِهِ على وجهة الْكَمَال ثَابِتَة فِي قُلُوبهم وَقد عمِلُوا مَا يقدرُونَ عَلَيْهِ من المُرَاد وَإِنَّمَا تركُوا تَمَامه لعجزهم كَانَ لَهُم مثل ثَوَاب الْفَاعِل كَمَا قَالَ النَّبِي ﷺ فِي الحَدِيث الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن أبي مُوسَى إِذا مرض العَبْد أَو سَافر كتب لَهُ من الْعَمَل مَا كَانَ يعْمل وَهُوَ صَحِيح مُقيم وَفِي الصَّحِيح عَن النَّبِي ﷺ

1 / 241