224

Jāmiʿ al-Rasāʾil

جامع الرسائل

Editor

د. محمد رشاد سالم

Publisher

دار العطاء

Edition

الأولى ١٤٢٢هـ

Publication Year

٢٠٠١م

Publisher Location

الرياض

قَالَ إِن بِالْمَدِينَةِ لَرِجَالًا مَا سِرْتُمْ مسيرًا وَلَا قطعْتُمْ وَاديا إِلَّا كَانُوا مَعكُمْ حَبسهم الْعذر
وَقد قَالَ تَعَالَى لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل الله بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم [سُورَة النِّسَاء ٩٥] فَهَؤُلَاءِ لَهُم علم بالمأمور بِهِ الْكَامِل واعتقاد الْأَمر بِهِ وَإِرَادَة فعله بِحَسب الْإِمْكَان وَهَذَا كُله من أدائهم للْمَأْمُور بِهِ فَإِذا تَجَدَّدَتْ لَهُم قدرَة لم يَتَجَدَّد رَغْبَة فِي الْفِعْل الْكَامِل وَإِنَّمَا يَتَجَدَّد الْعَمَل بِتِلْكَ الرَّغْبَة الْمُتَقَدّمَة وَإِن كَانَ لَا بُد لهَذَا الْفِعْل من إِرَادَة تخصه وَلم يكن هَؤُلَاءِ مأمورين بذلك إِلَّا فِي هَذِه الْحَال فَقَط كَمَا تُؤمر الْمَرْأَة بِالصَّلَاةِ عِنْد انْقِضَاء الْحيض وكما يُؤمر الصَّبِي بِمَا يجب عَلَيْهِ عِنْد بُلُوغه وكما يُؤمر المزكى بِالزَّكَاةِ بعد ملك النّصاب والحول وَالْمُصَلي بِالصَّلَاةِ بعد دُخُول الْوَقْت
وَأما النَّاسِي والمخطىء فَإِنَّهُ لم يكن قد أَتَى بِالْعلمِ والاعتقاد والإرادة فَلَا يُثَاب على هَذِه الْأُمُور الَّتِي لم تكن لَهُ بل يكون الَّذِي حصل لَهُ ذَلِك أفضل مِنْهُ بهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ [سُورَة الزمر ٩] فنفى الْمُسَاوَاة بَين الَّذِي يعلم وَالَّذِي لَا يعلم مُطلقًا لم يسْتَثْن الْمَعْذُور كَمَا اسْتثْنى فِي تَفْضِيل الْمُجَاهِد على الْقَاعِد الْمَعْذُور
وَكَذَلِكَ سَائِر مَا فِي الْقُرْآن من نَحْو هَذَا كَقَوْلِه وَمَا يَسْتَوِي

1 / 242