ومنهم من يحكي عن أهل السنة التفريق بينهما كأبي بكر بن السمعاني وغيره.
وقد نُقِل التفريقُ بينهما عن كثير من السلف: منهم قتادة، وداود بن أبي هند، وأبو جعفر الباقر، والزهري، وحماد بن زيد، وابن مهدي، وشريك، وابن أبي ذئب (^١) وأحمد بن حنبل، وأبو خيثمة ويحيى بن معين، وغيرهم على اختلاف بينهم في صفة التفريق بينهما.
• وكان الحسن وابن سيرين يقولان: مسلم، ويهابان: مؤمن.
• وبهذا التفصيل الذي ذكرناه يزول الاختلاف؛ فيقال إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قُرِن بين الاسمين كان بينهما فرق.
* * *
[التحقيق في الفرق بين الإيمان والإسلام]:
والتحقيق في الفرق بينهما أن الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته.
والإسلام هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له، وذلك يكون بالعمل، وهو الدين كما سمى الله تعالى في كتابه: الإسلام دينا وفي حديث جبريل سمى (^٢) النبي ﷺ الإسلام والإيمان والإحسان دينا.
وهذا أيضًا مما يدل على أن أخذ الاسمين إذا أفرد دخل فيه الآخر، وإنما يفرَّق بينهما حيث قرن أحد الاسمين بالآخر، فيكون - حينئذ - المراد بالإيمان جنسَ تصديق القلب، وبالإسلام جنسَ العمل.
• وفي المسند للإمام أحمد (^٣) عن أنس، ﵁، عن النبي ﷺ قال: "الإِسْلامُ عَلانية، والإِيمانُ في الْقَلْبِ" (^٤).
وهذا لأن الأعمال تظهر علانية، والتصديق في القلب لا يظهر.
(^١) ب: "ذؤيب".
(^٢) في هـ، م: "وسمى" وهو خطأ.
(^٣) ب: "وفي مسند الإمام أحمد".
(^٤) المسند ٣/ ١٣٤ - ١٣٥ وتمام الحديث: قال: ثم يشيرُ بيده إلى صدره ثلاث مرات قال: ثم يقول: التقوى ههنا. التقوى ههنا. وإسناده حسن فرجاله ثقات ما خلا علي بن مسعدة مختلف فيه على ما أفاده الهيثمي في المجمع ١/ ٥٢ وأن ممن وثقه ابن حبان وابن معين وأبا حاتم والطيالسي.
لكن أورده ابن عدي عنه في الكامل ٥/ ٢٠٧ عند ترجمته له وقال: ولعلي بن مسعدة غير ما ذكرت عن قتادة وكلها غير محفوظة.