Jamic Bayan
جامع البيان في تفسير القرآن
فلمآ أنبأهم بأسمآئهم
[البقرة: 33] أيها الملائكة خاصة
إني أعلم غيب السموت والأرض
[البقرة: 33] ولا يعلمه غيري
وأعلم ما تبدون
[البقرة: 33] يقول: ما تظهرون
وما كنتم تكتمون
[البقرة: 33] يقول: أعلم السر كما أعلم العلانية، يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والاغترار. وهذه الرواية عن ابن عباس تنبىء عن أن قول الله جل ثناؤه: { وإذ قال ربك للملئكة إني جاعل في الأرض خليفة } خطاب من الله جل ثناؤه لخاص من الملائكة دون الجميع، وأن الذين قيل لهم ذلك من الملائكة كانوا قبيلة إبليس خاصة، الذين قاتلوا معه جن الأرض قبل خلق آدم. وأن الله إنما خصهم بقيل ذلك امتحانا منه لهم وابتلاء ليعرفهم قصور علمهم وفضل كثير ممن هو أضعف خلقا منهم من خلقه عليهم، وأن كرامته لا تنال بقوى الأبدان وشدة الأجسام كما ظنه إبليس عدو الله. ويصرح بأن قيلهم لربهم: { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء } كانت هفوة منهم ورجما بالغيب، وأن الله جل ثناؤه أطلعهم على مكروه ما نطقوا به من ذلك، ووقفهم عليه حتى تابوا وأنابوا إليه مما قالوا ونطقوا من رجم الغيب بالظنون، وتبرءوا إليه أن يعلم الغيب غيره، وأظهر لهم من إبليس ما كان منطويا عليه من الكبر الذي قد كان عنهم مستخفيا. وقد روي عن ابن عباس خلاف هذه الرواية، وهو ما: حدثني به موسى بن هارون قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: لما فرغ الله من خلق ما أحب، استوى على العرش، فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا، وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن وإنما سموا الجن لأنهم خزان الجنة. وكان إبليس مع ملكه خازنا، فوقع في صدره كبر وقال: ما أعطاني الله هذا إلا لمزية لي هكذا قال موسى بن هارون، وقد حدثني به غيره، وقال: لمزية لي على الملائكة فلما وقع ذلك الكبر في نفسه، اطلع الله على ذلك منه، فقال الله للملائكة: { إني جاعل في الأرض خليفة } قالوا: ربنا وما يكون ذلك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا { قالوا } ربنا { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون } يعني من شأن إبليس. فبعث جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها، فقالت الأرض: إني أعوذ بالله منك أن تنقص مني أو تشينني فرجع ولم يأخذ وقال: رب إنها عاذت بك فأعذتها.
فبعث الله ميكائيل، فعاذت منه فأعاذها، فرجع فقال كما قال جبريل. فبعث ملك الموت، فعاذت منه فقال: وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره. فأخذ من وجه الأرض وخلط، فلم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء فلذلك خرج بنو آدم مختلفين، فصعد به فبل التراب حتى عاد طينا لازبا واللازب: هو الذي يلتزق بعضه ببعض ثم ترك حين أنتن وتغير، وذلك حين يقول:
من حمإ مسنون
Unknown page