157

Jamc Bayn Sahihayn

الجمع بين الصحيحين لعبد الحق

Publisher

دار المحقق للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ - ١٩٩٩ م

Publisher Location

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genres

الْجَهْدَ، ثُمّ أَرْسَلَنِي فَقَال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾) (١) فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ (٢)، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَال: (زَمِّلُونِي (٣) زَمَّلُونِي)، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ مِن الرَّوْعِ، ثُمَّ قَال لِخَدِيجَهَ: أَي خَدِيجَةُ! مَا لِي؟)، وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ. قَال: (لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي). قَالتْ لَهُ خَدِيجَةُ: كَلا، أَبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، وَاللهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ (٤)، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ (٥)، وَتَقْرِي الضَّيفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ (٦)، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَهُوَ ابْنُ عَمَّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرءًا تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالتْ لَهُ خَدِيجَةُ: أَي عَمَّ! اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، فقَال وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: يَا ابْنَ أَخِي! مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَبَرَ مَا رَآهُ فَقَال لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ (٧) الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ﷺ، يَا لَيتَنِي فِيهَا

(١) سورة العلق، الآيات (١ - ٥).
(٢) "ترجف بوادره": البوادر هي اللحمة بين المنكب والعنق تضطرب عند فزع الإنسان.
(٣) "زملوني": غطوني بالثياب.
(٤) "وتحمل الكل": الكل أصله الثقل، وهو هنا من لا يستقل بأمره كاليتيم والمنقطع، وحمله بالإنفاق عليه.
(٥) "وتكسب المعدوم": أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك.
(٦) "وتعين على نوائب الحق": النوائب الحوادث، وإنما قالت: نوائب الحق لأن النائبة قد تكون في الخير وقد تكون في الشر، وهذه كلمة جامعة لأفراد ما تقدم وما لم يتقدم من خصال الخير.
(٧) الناموس: المراد به هنا جبريل ﵇.

1 / 109