Jalis Salih
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي
Investigator
عبد الكريم سامي الجندي
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى ١٤٢٦ هـ
Publication Year
٢٠٠٥ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
الْمجْلس الثَّالِث عَشْر
حَدِيث الْغَار
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُوحِ بْنِ عبد الله الْمَعْرُوف بالجنديسابوري، إِمْلاءً فِي يَوْمِ السَّبْتِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنَ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ عِشْرِينَ وثلثمائة، قَالَ: حَدَّثَنَا عليّ بْن حَرْب الْجُنْدَيْسَابُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي مِقْسَمٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ حَدَّثَهُمْ: " أَنَّ ثَلاثَةَ نَفَرٍ انْطَلَقُوا يَتَمَاشَوْنَ فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ أَنْ يُفَرِّجَ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي أَبَوَانِ وَكَانَ لِيَ امْرَأَةٌ وَصِبْوَةٌ، وَكُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمَا فَإِذَا مَشَيْتُ حَلَبْتُ لَهُمَا فِي إِنَائِهِمَا ثُمَّ سَقَيْتُهُمَا، وَإِنِّي جِئْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَقَدْ دَنَا السَّحَرُ وَقَدْ نَامَا، وَكُنْتُ قَدْ حَلَبْتُ لَهُمَا فِي إنائهما فَقُمْت على رؤوسهما وَالصِّبْوَانُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَيَّ أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْوَانَ قَبْلَهُمَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ مِنْ مَخَافَتِكَ فَافْرِجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ، قَالَ: فَأُفْرِجَتْ مِنْهَا فُرْجَةٌ رَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ.
قَالَ: وَقَالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمٍّ وَإِنِّي رَاوَدْتُهَا عَنْ نَفْسِهَا فَأَبَتْ عَلَيَّ حَتَّى أَتَيْتُهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تَكْسِرِ الْخَاتَمَ إِلا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا وَتَرَكْتُهُ لَهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ مَخَافَتَكَ، فَافْرِجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاء، فأفرجت فُرْجَة أُخْرَى فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ.
قَالَ: وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا يَعْمَلُ لِي فِي فَرَقٍ مِنْ زَيْتٍ، فَلَمَّا عَمِلَ أَتَانِي يَطْلُبُ أَجْرَهُ، فَقُلْتُ: اعْمِدْ إِلَى هَذَا الْفَرَقِ الزَّيْتِ فَخُذْهُ، فَرَغِبَتْ عَنْهُ نَفْسُهُ، فَعُدْتُ إِلَيْهِ، فَجَمَعْتُهُ فَبِعْتُ مِنْهُ حَتَّى كَانَ بَقَرًا وَرُعَاتَهَا، فَأَتَانِي فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَأَعْطِنِي أُجْرَتِي، فَقُلْتُ: امْلِكْ هَذِهِ الْبَقَرَاتِ وَرُعَاتَهَا. فَاسْتَاقَهَا، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي إِنَّمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ مَخَافَتَكَ فَافْرِجْ عَنَّا الْحَجَرَ، فَأُفْرِجَ عَنْهُمُ الْحَجَرُ، فَخَرَجُوا يَتَمَاشَوْنَ إِلَى أَهَالِيهمْ ".
التَّعْلِيق عَلَى الحَدِيث
قَالَ القَاضِي: حديثُ الْغَار هَذَا معروفٌ عِنْدَ أَهْلَ الْعلم، وَقد ورد الْخَبَر بِهِ عَنْ رَسُول الله ﷺ من وُجُوه، وكتبناه من طرق شَتَّى عَنِ الشُّيُوخ، وأتينا بِهَذَا لأنَّه حَضَرنا فِي هَذَا الْوَقْت دون غَيره.
وَفِيه مَا يَدْعُو إِلَى فعل الْخَيْر واصطناع الْمَعْرُوف والإشفاق من الظُّلم، والحذر من وخيم مَغَبّته وسُوءِ عاقبته، وَفِيه بَيَان أنَّ أَكثر فعل البرِّ عُدة لصَاحبه، وَذخر يورثه النجَاة من المَخُوفات، وَيُعْطِيه الإغاثة عِنْدَ اللزبات.
وَقَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمْدَانَ بْنِ سُفْيَانَ الطَّرَائِقِيُّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد ابْن الْعَبَّاسِ بْنِ
1 / 93