في العداد وقطعت بطاقة. وقفت إلى جانب امرأة استندت إلى ظهر المقعد بجانب جسدها، التصقت بها فانحنت ولم تبتعد؛ انتصبت قليلا ثم فقدت الرغبة. بعد ست محطات أعلن السائق: النهاية. ودار في الساحة المجاورة للمنزل. نزلت وولجته، استدعيت المصعد وركبت إلى الطابق الخامس. الشقة مظلمة فيما عدا مصباح الأيقونة، فتحت ودخلت. باب المطبخ مفتوح. فكرت أن العجوز ربما تتفرج على التليفزيون عند جارتها. خلعت المعطف وعلقته وخلعت سترتي. ثم دخلت الحمام أغسل وجهي وأسناني. عثرت قدمي في إناء مياه من الصاج فأعدته إلى مكانه. جففت الآثار. دخلت المطبخ في هدوء بحثا عن قطعة بطاطس مسلوقة. لمحتها فوق فراشها. عدت إلى غرفتي وأغلقت الباب. صببت قدحا من النبيذ. استخرجت كيس السلوفان الذي أحتفظ داخله بأدوات المائدة، أعددت قطعة خبز مع جبن وزيتون. أشعلت سيجارة. فتحت النافذة وجلست أمامها أستنشق الهواء الدافئ. أسفل كان ثلاثة شبان يعزفون على قيثارة. شربت، ثم أخذت أضحك. وبعد ذلك شربت قدحا آخر، ثم غسلت الطبق وأعدته مكانه وغسلت السكين ووضعتها في كيس السلوفان. أشعلت سيجارة أخرى ثم أطفأت النور، خلعت ملابسي وتمددت على الأريكة، التففت جيدا بالغطاء وانقلبت على وجهي.
36
في الصباح سألتني العجوز: لماذا دخلت علي بالليل؟ قلت إني كنت أبحث عن بطاطس. قالت: أنت قابلت صديقتك وأنا بقيت وحيدة أبكي، ولم تحضر لي
ماروجنا . قلت: صديقتي لم تأت؛ ابتسمت مبتهجة.
شغلت كونشرتو البيانو الأول
لبارتوك ، جاءت ووقفت في مدخل الحجرة وهي تغمغم ساخطة ثم انسحبت وأدارت الراديو؛ أناشيد وموسيقى عسكرية. قمت وأغلقت الباب ففتحته قائلة في انفعال: اليوم عيد، لماذا تغلق علي؟ قلت: أريد أن أسمع الموسيقى. قالت: أنا أيضا أريد. قلت: أنت شغلت الراديو ولم يعد في إمكاني الاستماع. قالت: سأغلقه حالا ومضت فأغلقته. ثم وفدت جارتها فأغلقت الباب علي.
عملت قليلا في الصحف ثم ظهرت الشمس. وقفت في النافذة؛ الناس في ملابس الأعياد والأطفال يحملون البالونات، والرجال يحملون مشترياتهم من الموز الذي يظهر في المناسبات. رأيت
زويا
متأبطة ذراع شاب حليق الرأس، قدرت أنه زوجها؛ ممتلئ الجسد وأطول منها قليلا وذو عوينات، يسير بجوارها منتصب القامة في صورة مضحكة. مرا من أمام المنزل تجاه محطة الباص، كانت تسير غارقة في أفكارها، وكانت أول مرة أراها منذ دخولها المستشفى. لمحت الشقراء التي قابلتها مرة في المصعد وبدت خجولة جدا. وكانت تجلس على أريكة حجرية بجوار المنزل في ملابس أنيقة وإلى جوارها طفلتها. بعد قليل ذهبت إلى المطبخ لأعد قهوة، ووجدت العجوز ممددة في فرشتها، وكانت تبكي. قالت: أنت عندك كل شيء، لا أحد يساعدني، لست ضرورية لأحد، سأنهي كل شيء بالسكين الطويل. جلست إلى جوارها، قلت: اذهبي إلى الشارع وتمشي حتى السينما. قالت: لا أريد؛ ليس لي أحد، كنت أفضل في يوم عيد كهذا أن أذهب إلى الريف أو أي مكان آخر لكني لن أذهب وحيدة كالعبيطة، لن أفعل! قلت: عندك صديقتك. قالت: جارة وليست صديقة، صديقتي ماتت! قلت: لا يهم. قالت: عندها بنتها وحفيدتها وكنت عندهم ثم جاء زوار، وهم جميعا الآن حول المائدة، وليس لي أحد على الإطلاق، لا زوج ولا عائلة ولا حفيد.
طلبت مني أن أشتري لها ولجارتها
Unknown page