102

Ittihaf Hadith

إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث

Publisher

دار ابن رجب

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

Genres

﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ [الحشر: ١٨] ثمّ قال: " تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِه، مِنْ دِرهَمِه، مِنْ ثَوْبِه، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، منْ صَاعِ تَمْرِهِ" حتّى قال: "وَلَوْ بِشِقِّ تمْرَةٍ" (١) ولم يزد على ذلك. قال الشّيخ: يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون أراد الشرط، أي: إن تصدق رجل ولو بشيء حقير من ماله أثيب. وحذف حرف الشرط وجوابه للعلّم به، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى﴾ [طه: ١١٨] تقديره: إن أقمت على الطّاعة. والوجه الثّاني: أن يكون الكلام محمولًا على الدُّعاء، فكأنّه قال: رحم اللَّه امرءًا تصدق، كما قالوا: امرءًا اتقى اللَّه، أي: رحم اللَّه. وجعل الفاعل وهو قوله: "رجل" مفسرًا للمنصوب المحذوف. ويحتمل وجهًا ثالثًا وهو: أن يكون على الخبر، أي: تصدق رجل من غيركم بكذا وكذا فأثيب، والغرض منه حثهم على الصَّدقة وأن غيرهم تصدق بمثل ذلك فأثيب، فحكمهم حكمه. (٩٥ - ٢) وفي حديث جرير أنّه قال: "لما دخلت المدينة والنبي ﷺ يخطب، رماني النَّاس بالحَدَق، فقلت لجليسي: يا عبد الله! ذكرني رسول الله ﷺ؟ فقال: نعم، ذكرك رسول الله ﷺ آنفًا" (٢). "آنفًا" منصوب على الظرف (٣)، تقديره: ذكرك زمانًا آنفًا، أي قريبًا من

(١) صحيح: أخرجه مسلم (١٠١٧)، والنسائي (٢٥٥٤)، وأحمد (١٨٦٩٣). (٢) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (١٨٦٩٨)، (١٨٧٤٢)، عن المغيرة بن شبل قال: قال جرير: لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي، ثمّ حللت عيبتي، ثمّ لبست حلتي، ثمّ دخلت، فإذا رسول اللَّه ﷺ يخطب، فرماني النَّاس بالحدق، فقلت لجليسي: يا عبد الله! ! ذكرني رسول الله ﷺ؟؟ قال: نعم، ذكرك آنفًا بأحسن ذكر، فبينما هو يخطب إذ عرض له في خطبته وقال: "يدخل عليكم من هذا الباب أو من هذا الفج من خير ذي يمن إِلَّا أن على وجهه مسحة ملك" قال جرير: فحمدت اللَّه ﷿ على ما أبلاني. (٣) المشهور في "آنفًا" النصب على الظرفية، ومنه قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا =

1 / 103