153

ومن هذا الباب قوله عز وجل: { إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم (41) ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم (42) } [الذاريات] ، فأراد عز وجل هذا الإيجاز ، ثم لما أراد أن يزيد هذه الصفة يسيرا مع البسط ، قال: { كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر (18) إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر (19) تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر (20) } [القمر] .

ثم لما أراد أن يزيد على ذلك في البسط ، قال عز من قائل: { فأهلكوا بريح صرصر عاتية (6) سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية (7) فهل ترى لهم من باقية (8) } [الحاقة] .

ثم لما أراد عز وجل البسط التام ، بسط في السورة التي يذكر فيها هودا صلى الله عليه ، والسورة التي يذكر فيها الأعراف ، والسورة التي يذكر فيها الشعراء ، وعلى هذا أوجز ذكر ثمود ، فقال عز وجل: { فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية (5) } [الحاقة] ، ثم بسط ذلك في سائر المواضع ، ومن ذلك قوله عز وجل: { وما بكم من نعمة فمن الله } [النحل: 53] . فانظر - رحمك الله - إلى هذا الإيجاز مع استيفاء المعنى ، تعلم أنه أبلغ ما يمكن في بابه .

ثم زاد عز وجل بسطه يسيرا ، فقال: { وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه } [الجاثية: 13] .

وقال أيضا: { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } [لقمان: 20] ، ثم بسط عز وجل ذكر الآية ونعمه في السورة التي يذكر فيها النحل من قوله: { والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون (5) . . .

Page 206