============================================================
المقالة الثانية في ظهور الكذابين المخترعين 11 باهوائهم شرائع جعلوها في اعناق الناس من غير ان كانت لها آرواح ، وراح ذلك عند اتباعهم ، وصارت هم بها اسواق، وحجة على من يثبت الظاهر وينفي الحقائق ، وذلك انه لو كان بالشرائع الظاهرة د ون الحقائق المستورة تحتها يصير المخترع رسولا لكان هؤلاء المخترعون الكذابون رسلا اذ لم يقصروا في بناء الظواهر الخالية عن البيان ، لكنهم لما طولبوا ببيانها عموا وصحوا 1 ولم يقدروا على ذلك . واذا حركت شرائعهم من جهة الاستنباط كانت الاشخاص كالجيفة الميتة التي لا ارواح لها، وشرائع الصادقين المحقين الذين هم رسل الله جل جلاله محشوة كلها بالبيان محفوفة بالبرهان ، واذا طولبوا ببيانها قدروا على ذلك .
وان حركت شرائعهم من جهة الاستنباط ، كانت كالاشخاص الحية ذوات الارواح وما اشبه من شرائع الكذابين بالدرهم المبهرج21 وبالذهب المطلي اللذين ظاهرهما الابريز والفضة الجيدة وليس باطنهما الا الآنك والنحاس اللذان ان ادنيا الى النار سودت النار اجسادهما وغيرت ظاهرهما . وما اشبه امر شرائع الصادقين المحققين بالدرهم الجيد والذهب الابريز اللذين باطنهما كظاهرهما ، وان ادنيا الى النار لم يتغيرا عن احوالهما بل زادا جودة(3 وصفوة . والله جل جلاله لم يشهد ابليس ولا ذريته الضالين المضلين على خلقه السموات والارض ، ولا على خلقة انفسهم كما شهد اولياءه وأهل صفوته ، فقال جل جلاله : ما أشهدتهم خلق 1 التبوات والأرض ولا خليق أنفسهيم وما كنت متخذ المفيلين عضدا وقال: {سنرينهيم آياتنا في الآفاق وفي أنفييهم حتى يتبين 1 لهم أنه الحق أولم يكنف بربك أنه على كل شيء شهيدكفمن هذه الجهة صار لهولاء المخترعين الكذ ابين اسواق ليكون ذلك حجة على من زعم ان الله تعالى رضي من العبادة بالشرائع دون العلوم وحاشا لله عز وجل عن ذلك وتعالى علوا كبيرا . فهذه خاتمة المقالة الثانية من هذا الكتاب . والحمد لله الموفق والشكر للملهم.
1 (9) سقطح في نسخة س.
(2) في نسخة س وردت المهروج.
(4) سقطت في نسخة س .
Page 107