وإنما فعلوا ذلك؛ لأن المسلم على القوم يتوقع الجواب، وأن يقال له: عليك السلام.
فلما كان الميت لا يتوقع له جواب، جعلوا السلام عليه كالجواب عنه، وليس المراد منه أن السنة في تحية الموتى أن يقول: عليكم السلام، لما قدمناه في الحديث.
وقيل: أراد بالموتى كفار الجاهلية، وليس هذا الاستثناء باستثناء شك، لكنه جرى على عادة المتكلم يحسن به كلامه، كقول الرجل لأخيه: إن ائتمنتني لم أخنك إن شاء الله.
وفيه دليلٌ على أن استعمال الاستثناء مستحبٌ في الأحوال كلها، وإن لم يكن في الأمر شك تبرؤا عن الحول والقوة إلا بالله، كما أخبر الله سبحانه عن أنبيائه، وكما علم نبيه محمدًا ﷺ وعليهم أجمعين.
وقيل: هو راجعٌ إلى استصحاب الإيمان إلى الموت، أي نلحق بكم مؤمنين إن شاء الله، ولا يرجع إلى نفس الموت.
والأخبار والآثار في فضل مقبرة البقيع كثيرةٌ، سنوردها في أحاديث فضل المدينة إن شاء الله سبحانه.
ويزور القبور الطاهرة: كقبر إبراهيم ﵇ ابن رسول الله ﷺ، وقبر عثمان بن مظعون ﵁.
روينا عن صالح بن قدامة قال: حدثني أبي أن رسول الله ﷺ دفن إبراهيم ﵇ إلى جنب عثمان بن مظعون ﵁.
وقبره حذو زاوية دار عقيل بن أبي طالب، من ناحية دار محمد بن زيد.
وروينا عنه أيضًا: أول ما دفن رسول الله ﷺ بالبقيع عثمان بن مظعون ﵁، فلما توفي ابنه إبراهيم ﵇.
قالوا: يا رسول الله! فأين نحفر له؟ قال:
«عند قبر فرطنا عثمان بن مظعون» .
وقبر عبد الرحمن بن عوف أيضًا إلى جنب قبر عثمان بن مظعون ﵄.
1 / 87