﴿رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت﴾، وكذلك ﴿سلام على نوحٍ في العالمين﴾، انتهى كلامه.
وأما في الشر والذم، فيقدم الضمير على الاسم، كقوله سبحانه: ﴿وإن عليك لعنتي﴾، ﴿عليهم دائرةٌ السوء﴾، والسلام مشتقٌ من السلام، وهو اسم الله سبحانه، وسمي به لسلامته من العيوب والنقص.
وقيل: معناه اسم السلام عليك، إذا كان اسم الله سبحانه يذكر على الأعمال توقعًا لاجتماع معاني الخيرات فيه وانتفاء عوارض الفساد عنه.
وقيل معناه: إن الله مطلعٌ عليكم فلا تغفلوا.
وقيل معناه: سلمت مني، فاجعلني أسلم منك.
وقيل: هو مشتقٌ من السلامة بمعنى السلم.
ويقال: السلام عليكم، وسلامٌ عليكم بحذف ألفه ولامه، ولم يرد في القرآن إلا منكرًا غالبًا، فأما في التشهد في الصلاة فيقال فيه معرفًا ومنكرًا والظاهر الأكثر من مذهب الشافعي ﵀ أنه اختار التنكير.
وأما السلام الذي يخرج به من الصلاة، فروى الربيع عنه أنه قال: أقل ما يكفيه أن يقول: السلام عليكم، فإن نقص من هذا حرفًا عاد فسلم، ووجهه أن يكون أراد بالسلام اسم الله سبحانه، فلم يجز حذف الألف واللام منه، وكانوا يستحبون أن يقولوا في الأول: سلام عليكم، وفي الآخر: السلام عليكم، وتكون الألف واللام للعهد، يعني السلام الأول.
وأما قوله ﷺ -لما سلم عليه جابر بن سحيم فقال: عليكم السلام- قل: «السلام عليك، فإن عليك السلام تحية الموتى»، فإنه أشار إلى ما جرت به عادتهم في المراثي، كانوا يقدمون ضمير الميت على الدعاء كقول الشماخ:
عليك سلام من أمير وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق
وقول الآخر:
عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما
1 / 86