قال الراوي: فما رأيت أكثر باكيًا من ذلك اليوم، فأمر عمر بقباطي فخيطت ثم ستر بها الموضع، وأمر ابن وردان أن يكشف عن الأساس.
فبينما هو يكشفه إذ رفع يده وتنحى واجمًا، فقام عمر بن عبد العزيز فزعًا، فرأى قدمين وعليهما السعد، ورأى الأساس. فقال له عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر –وكان حاضرًا-: أيها الأمير! لا يروعنك فإنهما قدما جدك عمر بن الخطاب، ضاق البيت عنهما، فحفر له في الأساس.
فقال: يا ابن وردان! غط ما رأيت، ففعل، وأمر أبا حفصة مولى عائشة وناسًا معه فبنوا الجدار وجعلوا في كوة، فلما فرغوا منه ورفعوه، دخل مزاحم مولى عمر فقم ما سقط على القبر من التراب والطين، ونزع القباطي.
فكان عمر ﵁ يقول: لأن أكون وليت ما ولي مزاحمٌ من قم القبور، أحب إلي من أن أكون لي من الدنيا كذا وكذا –وذكر مرغوبًا من الدنيا-.
أنبأني أبي ﵀ قال: أنبأنا أبو القاسم التاجر، عن الحسن بن أحمد، عن أبي نعيم الحافظ، أنبأنا جعفر بن محمد، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن، أخبرنا الزبير بن بكار، حدثنا محمد بن الحسن، حدثني غير واحد، منهم إبراهيم بن محمد الزهري، عن أبيه قال: أجاف بيت النبي ﷺ من شرقيه، فجلس عمر بن عبد العزيز ومعه عبد الله بن عبيد الله بن عمر، فأمر ابن وردان أن يكشف الأساس، فبينما هو يكشفه إلى أن رفع يده وتنحى واجمًا، فقام عمر بن عبد العزيز فزعًا، فقال عبد الله: أيها الأمير! لا يروعنك، فتانك قدما جدي عمر بن الخطاب رحمة الله عليه، ضاق البيت عنه فحفر له في الأساس، فقال: يا ابن وردان! غط ما رأيت، ففعل.