ومن أصوله التي بها يقول ... - ... تنبيه قرآن وسنة الرسول هذا هو الرابع من أدلة مذهب مالك، يعني أن من أصول مالك التي بها يقول بها أي يحتج بها في الشرعيات تنبيه الخطاب من القرآن وتنبيه الخطاب من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويسمى أيضا بفحوى الخطاب، وهو مفهوم الموافقة، وإنما سمي مفهوم الموافقة لكون المعنى المسكوت عنه موافقا للمعنى المنطوق به في الحكم، وإنما سمي بتنبيه الخطاب لأن السامع يتنبه عند الخطاب بالمعنى المنطوق به وحده إلى دلالة اللفظ على معنى غير مذكور موافق للمعنى المذكور في الحكم بالمساواة له فيه، والأولية به عنه.
فمثال مفهوم المساوي من القرآن قوله تعالى { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } وتدل بالمفهوم الموافق على مساواة إحراقه لأكله ظلما في التحريم لأن العلة في التحريم أكله ظلما الإتلاف، وتلك العلة موجودة بتمامها في إحراقه.
ومثال مفهوم الأولى من القرآن قوله تعالى { فلا تقل لهما أف } فإن الآية تدل بالمنطوق على تحريم التأفيف على الوالدين، وتدل بالمفهوم الموافق على أن ضربه لهما أولى بالتحريم من التأفيف، لأن العلة في تحريم التأفيف عليهما هي الإيذاء، وتلك العلة أتم في الضرب منها في التأفيف.
ومثال تنبيه الخطاب المساوي للمنطوق في الحكم من السنة قوله - صلى الله عليه وسلم - الثابت في البخاري: "من ابتاع عبدا فماله للذي باعه إلا أن يشترطه المبتاع"، فإنه يدل بالمنطوق على أن مال العبد المبيع للبائع إلا أن يشترطه المشتري، ويدل بالمفهوم الموافق على أن مال الأمة المبيعة مساو لمال العبد المبيع فيما ذكر.
ومثال تنبيه الخطاب الأولى بالحكم من المنطوق من السنة قوله - صلى الله عليه وسلم - الثابت في البخاري أيضا: "لو دعيت إلى كراع لأجبت، ولو أهدي إلي كراع لقبلته"، فإنه يدل بالمنطوق على أن إجابة الداعي إلى كراع وقبول الكراع هدية سنة، ويدل بالمفهوم الموافق على أن ما هو أكثر من الكراع أولى بسنية القبول وإجابة الداعي إليه.
Page 12