120

Al-ʿIrāq fī aḥādīth wa-āthār al-fitan

العراق في أحاديث وآثار الفتن

Publisher

مكتبة الفرقان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Publisher Location

الأمارات - دبي

Genres

وتوافق ذلك مع ما هو محسوس مشاهد؟!
وقبل أن أنتقل إلى فتنة أخرى، وهي من أعظم ما جرى في هذا العصر، أرى لزامًا عليَّ التنبيه والتأكيد على أمور (١):
أولًا: الواجب في هذه الأزمنة خصوصًا إظهار شعار العلماء في الإصلاح، دون شعار هؤلاء الصغار، فإن سائر الواجبات الشرعية لا تقوم إلا بذلك، وإذا ترك ذلك ظهر شعار أهل البدع والضلال، ولذا صار إظهار هذا الشعار مأمورًا به من هذه الجهة (٢) .
ثانيًا: إظهار شعار هؤلاء المراهقين اليوم يُتَوسّلُ به إلى مقاصد الكائدين للإسلام وأهله، ولم يحل للمفتي أن يُفتيَ بما يجُرُّ إلى مفاسدهم، لو كانت أصل أفعالهم مشروعةً، فكيف والعلماء -قديمًا وحديثًا- يرون منعها، ومحال أن تقوم عند هؤلاء أدلة لم تصل العلماء، ولكن قامت عندهم شُبَه، وتلاحقت الأحداث، فلم يجدوا بدًّا إلا أن يبقوا على مواقفهم، وإن تضمنت تحليل ما حرمه الله ورسوله من إراقة الدماء، وإزهاق النفوس (٣)، وإلحاق ما يفعلونه بالجهاد، وليس لهم على تقريرات العلماء بأدلتها الشرعية أجوبة صحيحة، ولا معارض لها مقاوم، فمن ادّعى بطلانها، فليُجب عنها أجوبة مفصّلة، وإلا؛

(١) وهي بمثابة المقدمات الممهدات للكلام عن فتنة عظيمة جدًّا، فاقت التي قبلها ورققتها، وقد سمعتُ شيخنا الألباني ﵀ يقول عن (فتنة الخليج الأولى) ما معناه: «ما مر بالمسلمين -على تاريخهم الطويل- فتنة أعظم منها» . وما كانت هذه الفتنة -التي ستأتي - مع فتنة (الخليج الأولى) إلا وسائل لتحقيق (احتلال العراق) ولا قوة إلا بالله العظيم.
(٢) ليعلم أن المأمور به قد تجتمع جهات عديدة به، كالرحم الجار العالم، فهذا له ثلاثة حقوق، وبالعكس -كما قال الإمام أحمد عن لحم الخنزير الميت: «هو حرام من وجهين»، فإن غصبه أو سرقه من نصراني، صار حرامًا من ثلاثة أوجه، فالتحريم يقوى ويضعف بحسب قوة المفاسد وضعفها، وبحسب تعدد أسبابه. قاله ابن القيم في «الفروسية» (ص ٣١٥ - بتحقيقي) .
(٣) انظر مواقف تقشعر لها الأبدان، وتشيب لها الرؤوس -وقد شابت- في: «مدارك النظر» (ص ٤١٥ وما بعد) .

1 / 123