36

I'rab al-Qiraat al-Sab' wa Ilaluha

إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٣٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

يُشِمُّ الصَّادَ زَايًا، وَذَلِكَ أَنَّ الزَّايَ تُؤَاخِي السِّينَ فِي الصَّفِيرِ، وَتُؤَاخِي الصَّادَ فِي الْجَهْرِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾ بِإِشْمَامِ الزَّايِ، وَأَنْشَدَ ابْنُ دُرَيْدٍ ﵁:
وَلَا تهي بني الْمَوْمَاةُ أَرْكَبُهَا ... إِذَا تَجَاوَبَتِ الْأَزْدَاءُ بِالسَّحَرِ
جَعَلَهَا زَايًا خَالِصَةً وَهِيَ لُغَةٌ.
- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَنْعَمْتَ عَلَيْهُمْ﴾ بِضَمِّ الْهَاءِ وَجَزْمِ الْمِيمِ، وَكَذَلِكَ: «إِلَيْهُمْ» وَ«لَدَيْهُمْ» وَهِيَ لُغَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَإِنَّمَا ضَمُّ الْهَاءُ فِي أَصْلِ الْكَلِمَةِ قَبْلَ أَنْ تَتَّصِلَ بِهَا عَلَى كَمَا تَقُولُ «هُمْ» فَلَمَّا أَدْخَلْتَ عَلَى فَقُلْتَ: «عَلَيْهُمْ» بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا.
قَالَ ابْنُ مُجَاهِدٍ: إِنَّمَا خَصَّ حَمْزَةُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَحْرُفَ بِالضَّمِّ دُونَ غَيْرِهِنَّ أَعْنِي: «عَلَيْهُمْ» وَ«لَدَيْهُمْ» وَ«إِلَيْهُمْ» مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْحُرُوفِ، لِأَنَّهُنَّ إِذَا وليهن ظاهر صارت هن أَلِفَاتٍ، وَلَا يَجُوزُ كَسْرُ الْهَاءِ إِذَا كَانَ قَبْلَهَا أَلِفٌ، فَعَامَلَ الْهَاءَ مَعَ الْمُكَنَّى مُعَامَلَةَ الظَّاهِرِ، إِذَا كَانَ مَا قَبْلَ الْهَاءِ يَاءٌ فَإِذَا صَارَتْ أَلِفًا لَمْ يَجُزْ كَسْرُ الْهَاءِ، فَإِذَا جَاوَزَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْأَحْرُفَ وَلَقِيَ الْهَاءَ وَالْمِيمَ سَاكِنٌ ضَمَّهَا، فَإِذَا لَمْ يَلْقَ الْمِيمَ سَاكِنٌ كَسَرَ الْهَاءَ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ﴾ وَ﴿بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ وَعِنْدَ السَّاكِنِ ﴿عن قبلتهم التي﴾ ﴿عليهم الذلة﴾ ﴿إليهم اثْنَيْنِ﴾ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ كَافٌ وَمِيمٌ لَمْ يَجُز كَسْرُهُمَا إِلَّا فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ لَا تَدْخُلُ فِي الْقِرَاءَةِ لِبُعْدِ الْكَافِ مِنَ الْيَاءِ.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «عَلَيْهِمْ» بِكَسْرِ الْهَاءِ، وَإِنَّمَا كَسَرُوهَا لِمُجَاوَرَةِ الْيَاءِ كَرَاهَةَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ كَسْرٍ إِلَى ضَمٍّ، كَمَا قَالُوا: مَرَرْتُ بِهِمْ وَفِيهِمْ.
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ «عَلَيْهُمُوا» بِالْوَاوِ عَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ، لِأَنَّ الْوَاوَ عَلَمُ الْجَمْعِ، كَمَا كَانَتِ الْأَلِفُ عَلَمَ التَّثْنِيَةِ، إِذَا قُلْتَ: عَلَيْهِمَا، وَمِثْلَهُ قَامَا قَامُوا، وَكَانَ نَافِعٌ يُخَيِّرُ بَيْنَ جَزْمِ الْمِيمِ وَضَمِّهَا.
وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: بِإِسْكَانِ الْمِيمِ وَحَذْفِ الْوَاوِ، فَحُجَّةُ مَنْ حَذَفَ، قَالَ: لِأَنَّ الْوَاوَ مُتَطَرِّفَةٌ فَحَذَفْتُهَا إِذْ كُنْتُ مُسْتَغْنِيًا عَنْهَا، لِأَنَّ الْأَلِفَ دَلَّتْ عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَلَا مِيمَ فِي الْوَاحِدِ إِذْ قُلْتَ: «عَلَيْهِ» فَلَمَّا لَزِمْتَ الْمِيمَ لِجَمْعٍ حَذَفْتَهَا اخْتِصَارًا، فَإِنْ حَلَّتْ هَذِهِ الْوَاوُ غَيْرَ طَرَفٍ لَمْ يَجُزْ حَذْفُهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا﴾ فَأَمَّا مَا رَوَاهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ «غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» بِالنَّصْبِ، فَإِنَّهُ نَصَبَهُ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ فِي

1 / 38