I'rab al-Qiraat al-Sab' wa Ilaluha
إعراب القراءات السبع وعللها ط العلمية
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٣٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
Publisher Location
بيروت - لبنان
Genres
«عَلَيْهِمْ» وَيَكُونُ نَصْبًا عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِ الْأَخْفَشِ، وَمَنْ قَرَأَ «غَيْرِ» بِالْخَفْضِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهُ بَدَلًا مِنَ «الَّذِينَ» وَصِفَةً لَهُمْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ «غَيْرَ» إِذَا كَانَتْ صِفَةً أَوْ كَانَتِ اسْتِثْنَاءً حَسَنٌ إِلَّا فِي مَوَاضِعِهَا، كَقَوْلِكَ: عِنْدِي دِرْهَمٌ غَيْرُ دَانِقٍ، وَعِنْدِي دِرْهَمٌ غَيْرُ زَائِفٍ، لِأَنَّهُ لَا يَحْسُنُ أَنْ تَقُولَ: عِنْدِي دِرْهَمٌ إِلَّا زَائِفًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَدَّةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ إِنَّمَا أُتِيَ بِهَا لِتَحْجُزَ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ وَهِيَ اللَّامُ الْمُدْغَمَةُ وَالْأَلِفُ الَّتِي قَبْلَهَا.
وَقَالَ الْأَخْفَشُ: الْمَدَّةُ عِوَضٌ مِنَ اللَّامَيْنِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: لَمَّا كَانَتِ الْأَلِفُ خَفِيَّةً وَالْمُدْغَمُ خَفِيٌّ قَوَّوْهُمَا بِالْمَدِّ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ﵁: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَجْعَلُ الْمَدَّةَ هَمْزَةً فَيَقُولُ: «وَلَا الضَّأْلِينَ»، وَقَدْ قَرَأَ بِذَلِكَ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ.
أَنْشَدَنِي ابْنُ مُجَاهِدٍ ﵁:
حمار قبان يسوق أرنبا ... لقد رأيت يا لقوم عجبا
خِطَامُهَا زَأَمَّهَا أَنْ تَذْهَبَا
يُرِيدُ: زَامَهَا.
وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا الْحَرْفَ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفِ السَّبْعَةُ فِيهِ، لِأَنَّ بَعْضَ النَّحْوِيِّينَ يَمُدُّ هَذَا وَنَحْوَهَ مَدًّا مُفْرَطًا، وَالْمَدُّ فِيهِ وَسَطٌ، كَذَلِكَ كَانَ لَفْظُ ابْنِ مُجَاهِدٍ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ «وَلَا جَأْنٌّ» مَهْمُوزٌ غَيْرُ مَمْدُودٍ، وَالنُّونُ مُشَدَّدَةٌ.
حَدَّثَنِي ابْنُ مُجَاهِدٍ، قَالَ: رَوَى لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي ظَفَرُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ: قَالَ: صَلَّى بِنَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ الْفَجْرَ فَقَرَأَ «إِنْسٌ وَلَا جَأْنٌّ» فَهَمَزَ فَلَمَّا سَلَّمَ، قُلْتُ: لِمَ هَمَزْتَ؟ قَالَ: فَرَرْتُ مِنِ اجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ.
قال أبو عبد الله ﵁: كَانَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ يُؤْتَى مِنْ قِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَكْرَهُ اجْتِمَاعَ السَّاكِنَيْنِ، إِذَا كَانَ أَحَدُ السَّاكِنَيْنِ حَرْفَ لِينٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الْأَرْضِ﴾ وَقَدْ كَانَ كَلَّمَ أبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى فَهَّمَهُ أَبُو عَمْرٍو، وَقَالَ: وَيْحَكَ إِنَّ الرَّجُلَ الْعَرَبِيَّ إِذَا وَعَدَ أَنْ يُسِيءَ إِلَى رَجُلٍ، ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْ يُقَالُ: عَفَا وَتَكَرَّمَ، وَلَا يُقَالُ: كَذَبَ، وَأَنْشَدَ:
وَإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ ... لَمُخْلِفُ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي
1 / 39