يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا﴾ [النساء: ١٤١] . وهذا الاستدلال على طريقة أهل الظاهر، وهو صحيح.
فإذا كانت المرأة التي غلب عليها الكفار ذِمِّية رُدت إلى ذمتها، وكان ولدها فيئًا؛ لأنه بين كافِرَيْن، هذا هو الأظهر، وهو قول مالك (١)، وفيه -أيضًا- اختلاف.
فإن كانت أَمَة، فهي وبنوها لسيدها، لأنه استحقاق، هذا هو الأرجح، وقاله ابن القاسم (٢)، وفيه -أيضًا- خلاف (٣) .
فصل: في صفة من يستحق الإسهام من الغانمين
قال الله -تعالى-: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١] . فلما أضاف -تعالى- الأموال المقدور عليها في الجهاد إلى الغانمين، ثم عيَّن من ذلك الخمس خاصة في مصرفه، وأقرَّ سائره على إضافته، كان كالنصِّ في أنَّ ما بقي بعد ذلك لهم، وإن لم يعيَّن بالقول؛ لأن ذلك هو نمط الكلام، كقوله
-تعالى-: ﴿فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُث﴾ [النساء: ١١]، فأضاف الوراثة إلى الأبوين، ثم عيَّن من ذلك حظَّ الأم، فكان ذلك نصًَّا في أن الباقي للأب، وإن لم يعرض له بالتعيين.
وأجمع أهل العلم على أنَّ من كان: حرًّا، ذكرًا، بالغًا، عاقلًا، مسلمًا، صحيحًا؛ فإنه يستحق أن يسهم له في المغنم إذا شهد مع الناس، ولم يكن تاجرًا، ولا أجيرًا (٤) .
(١) انظر: «الموطأ» (٤٥٣)، «الاستذكار» (١٤/١٣٠)، «النوادر والزيادات» (٣/٢٨١)، «الكافي» (١/٤٧٤)، «الذخيرة» (٣/٤٣٩) .
(٢) انظر: «الكافي» (١/٤٧٤)، «التفريع» (١/٣٥٩)، «النوادر والزيادات» (٣/٢٨١)، «الذخيرة» (٣/٤٣٩)، «الأوسط» لابن المنذر (١١/١٩٤) .
(٣) انظر: «روضة الطالبين» (١٠/٢٩٤)، «الكافي» (١/٤٧٤)، «المغني» (١٣/١٢٢-١٢٣) .
(٤) انظر: «مراتب الإجماع» لابن حزم (ص ١٣٦)، «بداية المجتهد» (١/٣٧٩)، «اختلاف الفقهاء» (٧٨) للطبري، «موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي» (٢/٨٧٤-٨٧٥) .