188

Fī al-naqd al-adabī

في النقد الأدبي

Publisher

-

Edition Number

-

Genres

ووفاها ... إن ما يعطي التجنيس من الفضيلة لم يتم إلا بنصرة المعنى، ولو كان فيه مستحسن ولما وجد فيه معيب مستهجن".
إذن فلا بد عند الإمام من الانتصار لهما معًا، ولن يتم الفضل للكلام إلا بالنظم وبعد أن أقنع الفريقين، أخذ يقرّر مبدأه الهام ونظريته في اللغة، وليست هي حشدًا من الألفاظ، ولا اهتمامًا بالمعاني الغريبة النادرة، بل اللغة علاقات بين ألفاظها لا تعرف إلا بارتباط بعضها ببعض لتوضح ما في الذهن من علائق على جهة الرمز لا النقل يقول الإمام:
"إن الألفاظ التي هي أوضاع اللغة، لم توضع لتعرف معانيها في أنفسهان ولكن لأن يضم بعضها إلى بعض، فيعرف فيما بينها فوائد، وهذا علم شريف، وأصل عظيم والدليل على ذلك أنا إن زعمنا أن الألفاظ التي هي أوضاع اللغة، إنما وضعت ليعرف معانيها في أنفسها، لأدَّى ذلك إلى ما لا يشكّ عاقل في استحالته وهو أن يكونوا قد وضعوا للأجناس الأسماء التي وضعوها لها لتعرفها بها....
حتى كأنهم لو لم يكونوا قد وضعوا الحروف لكنها تجهل معانيها، فلا نعقل نفيًا ولا نهيًا ولا استفهامًا ولا استثناء، وكيف والمواضعة لا تكون ولا نتصور إلا على معلوم؟ فمحال أن يوضع اسم أو غير اسم لغير معلوم، ولأن المواضعة كالإشارة فكما أنك إذا قلت: خذ ذاك لم تكن هذه الإشارة، لتعرف السامع المشار إليه في نفسه، ولكن ليعلم أنه المقصود من بين سائر الأشياء التي نراها ونبصرها، كذلك حكم اللفظ مع ما وضع له، ومن هذا الذي يشك أننا لم نعرف الرجل والفرض والضرب والقتل إلا من أساعها؟ لو كان لذلك مساغ في العقل لكان ينبغي إذا قيل زيد أن تعرف المسمى بهذا.

1 / 200