وارحم شبابك من عدو ترحم
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدم
والظلم من شيم النفوس فإن تجد
ذا عفة فلعلة لا يظلم
ومن البلية عذل من لا يرعوي
عن جهله وخطاب من لا يفهم
ومع هذا فإنك لا تتمالك من الإنكار على الشاعر خلط هذه النفائس بتلك الخسائس.
وأقبح من كل ذلك تشببهم بما لم يشرعه الله، ولم يسق إليه الطبع، ولم يفش قبلهم في شعر الجاهليين وإنما هو بدعة اقتبسوها بملابسة المدنية الجديدة، فما أوغل إمامهم أبو نواس في ذلك النهج البذيء حتى هبوا إلى تحديه.
والظاهر أن ذلك التراخي كان مندمجا بروح العصر فانتهجه الشعراء، وسلك مسلكهم صفوة الأدباء كالبديع الهمذاني والحريري، وسموه أحماضا كأنه فكاهة مستملحة يتطلبها كل أديب أريب؛ ولهذا قال الحريري في مقدمة كتابه: «وما قصدت بالأحماض فيه إلا تنشيط قارئيه».
Unknown page