عن مواضعه إلى ما اعتقد ثبوته. وكان في هذا أيضا متبعا للمتشابه إذ الأسماء تشبه الأسماء والمسميات تشبه المسميات ولكن تخالفها أكثر مما تشابهها. فهؤلاء يتبعون هذا المتشابه ﴿ابتغاء الفتنة﴾ بما يوردونه من الشبهات على امتناع أن تكون في الجنة هذه الحقائق ﴿وابتغاء تأويله﴾ ليردوه إلى المعهود الذي يعلمونه في الدنيا. قال الله تعالى: ﴿وما يعلم تأويله إلا الله﴾ فإن تلك الحقائق قال الله فيها: ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين﴾ لا ملك مقرب ولا نبي مرسل. وقوله: ﴿وما يعلم تأويله﴾ إما أن يكون الضمير عائدا على الكتاب أو على المتشابه؛
فإن كان عائدا على الكتاب كقوله (منه و(منه ﴿فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله﴾ فهذا يصح؛ فإن جميع آيات الكتاب المحكمة والمتشابهة التي فيها إخبار عن الغيب الذي أمرنا أن نؤمن به لا يعلم حقيقة ذلك الغيب ومتى يقع إلا الله. وقد يستدل لهذا أن الله جعل التأويل للكتاب كله مع إخباره أنه مفصل بقوله ﴿ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾ ﴿هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله﴾ فجعل التأويل الجائي للكتاب المفصل. وقد بينا أن ذلك التأويل لا يعلمه وقتا وقدرا ونوعا وحقيقة إلا الله وإنما نعلم نحن بعض صفاته بمبلغ علمنا لعدم نظيره عندنا وكذلك قوله: ﴿بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله﴾
1 / 18