عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ جَدِّهِ قَيْسٍ قَالَ «رَآنِي النَّبِيُّ ﷺ وَأَنَا أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ فَقَالَ مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ يَا قَيْسُ؟ فَقُلْت إنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَسَكَتَ عَنِّي النَّبِيُّ ﷺ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ بَعْدَ هَذَا اخْتِلَافٌ فِي الْحَدِيثِ بَلْ بَعْضُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى بَعْضٍ فَجِمَاعُ نَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ مَا تَبْدُوَ حَتَّى تَبْزُغَ وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ مَغِيبِ بَعْضِهَا حَتَّى يَغِيبَ كُلُّهَا وَعَنْ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ عَلَى كُلِّ صَلَاةٍ لَزِمَتْ الْمُصَلِّي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَوْ تَكُونُ الصَّلَاةُ مُؤَكَّدَةً فَأَمَرَ بِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَرْضًا أَوْ صَلَاةً كَانَ الرَّجُلُ يُصَلِّيهَا فَأَغْفَلَهَا فَإِذَا كَانَتْ وَاحِدَةً مِنْ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ صُلِّيَتْ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِالدَّلَالَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ ثُمَّ إجْمَاعِ النَّاسِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): ﵀ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَأَيْنَ الدَّلَالَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ؟ قِيلَ فِي قَوْلِهِ «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾» وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُمْنَعَ أَحَدٌ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ وَصَلَّى الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَنَائِزِهِمْ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِيمَا رَوَتْ «أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى فِي بَيْتِهَا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَشُغِلَ عَنْهُمَا بِالْوَفْدِ فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ» لِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَشُغِلَ عَنْهُمَا قَالَ، وَرَوَى «قَيْسٌ جَدُّ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ رَآهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُمَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَأَقَرَّهُ» لِأَنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مُؤَكَّدَتَانِ مَأْمُورٌ بِهِمَا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَهْيُهُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي نَهَى عَنْهَا عَلَى مَا وَصَفْت مِنْ كُلِّ صَلَاةٍ لَا تَلْزَمُ فَأَمَّا كُلُّ صَلَاةٍ كَانَ يُصَلِّيهَا صَاحِبُهَا فَأَغْفَلَهَا أَوْ شُغِلَ عَنْهَا وَكُلُّ صَلَاةٍ أُكِّدَتْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَرْضًا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْكُسُوفِ فَيَكُونُ نَهْيُ النَّبِيِّ فِيمَا سِوَى هَذَا ثَابِتًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَالنَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَنِصْفَ النَّهَارِ وَمِثْلِهِ إذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ وَبَرَزَ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ لِأَنَّهُ نَهْيٌ وَاحِدٌ قَالَ وَهَذَا مِثْلُ نَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَأَنَّ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ التَّجْهِيزَ لِلْجُمُعَةِ وَالصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ وَهَذَا مِثْلُ الْحَدِيثِ فِي نَهْيِ النَّبِيِّ ﷺ عَنْ صِيَامِ الْيَوْمِ قَبْلَ رَمَضَانَ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمَ رَجُلٍ كَانَ يَصُومُهُ.
بَابُ الْخِلَافِ فِي هَذَا الْبَابِ
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَخَالَفَنَا بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا وَغَيْرُهُمْ فَقَالَ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ تُقَارِبْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ وَمَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ يُشْبِهُ بَعْضَ مَا قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَابْنُ عُمَرَ إنَّمَا سَمِعَ مِنْ النَّبِيِّ النَّهْيَ أَنْ يَتَحَرَّى أَحَدٌ فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا وَلَمْ أَعْلَمْهُ رُوِيَ عَنْهُ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا بَعْدَ الصُّبْحِ فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ إلَى أَنَّ النَّهْيَ مُطْلَقٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَنَهَى عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّا لَمْ نَعْلَمْهُ رُوِيَ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ السَّاعَاتِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَمَنْ نَهَى عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ كَمَا نَهَى عَنْهَا عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا لَزِمَهُ أَنْ يَعْلَمَ مَا قُلْت مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْهَا فِيمَا لَا يَلْزَمُ وَمَنْ رَوَى فَعَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَشُغِلَ عَنْهُمَا وَأَقَرَّ قَيْسًا عَلَى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ نَهَى عَنْهَا فِيمَا لَا يَلْزَمُ وَلَمْ يَنْهَ الرَّجُلَ عَنْهَا فِيمَا اعْتَادَ مِنْ صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَفِيمَا يُؤَكَّدُ مِنْهَا وَمَنْ ذَهَبَ هَذَا عَلَيْهِ وَعَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ
8 / 616