Ijazat Ibn Yahya
إجازة العلامة أحمد بن يحيى حابس
Genres
واعلم أنهم لم يستندوا في عذرهم ذلك إلى دليل ولا إلى أحد من علماء العترة عليهم السلام، وما ذاك إلا لأن الأدلة قاضية ببطلان ما تمسكوا به كما رأيت، ولأن العترة عليهم السلام مجمعون على أن ذلك غير رخصة كما حكاه على بن العباس فيما قضاه، وقال بإفساد الغلات وخراب الفرى لئلا ينتفع بها العدو، وكذلك قد صح لنا من عيون العترة عليهم السلام والجمهور من علماء الأمة أن الخشية على المال لا تكون رخصة في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما تقدم ذكره، فكيف يكون رخصة في عماد المنكر وأساسه، وهو تسليم المال إلى الجبارين، فافهم ذلك.، وأيضا لو غلب بعض الجبارين على بعض المسلمين، وقال لا عذر لك من أحد أمرين :
إما الاستمرار على ترك الصلاة أو إفساد جميع ما يملك، وهو يعلم أنه لو أفسد أملاكه أنه يعيش بأن ينتقل في الأرض لطلب المعاش لعلمنا أنه اختار الاستمرار على ترك الصلاة لصيانة دنياه فقد آثر الحياة الدنيا على الآخرة، وكان من جملة من ذكره الله تعالى في قوله: {فأما من طغى، وآثر الحياة الدنيا، فإن الجحيم هي المأوى} ولا يخرج من هذا ممن ابتلى بذلك إلا من لم يصنع كذلك [516]، والإجماع المعلوم على ذلك، وكذلك والله أهل زماننا فإنهم تركوا نهي الجبارين عن المنكر وهم يقدرون عليه، لولا تخاذلهم بل أمدوهم بالأموال الجليلة التي تقووا بها على فعل المنكر صيانة لدنياهم وإيثارا لها، وأنه لولا تخاذلهم لم يكن شيء من ذلك، ولعاشوا، فلا يخرج من حكمهم هذا إلا من يأتيهم ولم يصنع كما صنعوا إلا كان مشاركا لهم في ذلك ضرورة.
قالوا: لو هاجرنا لاينفع الظالمون بالمال بعدنا ، فلم تؤثر هجرتنا إلا التعب.
Page 118