ومن النحاة من يرى السبب في بناء هذا الاسم هو معنى الاستغراق، ومنهم من يقول: إنه تضمن الاسم معنى «من» المحذوفة.
هذا يرينا أن النحاة لاحظوا ما بين معنى الاستغراق وحذف التنوين من صلة، وقد بينا لك صلة ما بين الاستغراق والتعريف عند العرب. والله أعلم. (2) باب ظن
ومن الأبواب ذات الوجهين باب «ظن».
فالنحاة يقررون أن أفعال القلوب من هذا الباب تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، وأنها قد يعتريها «الإلغاء» و«التعليق».
والإلغاء أن يهمل الفعل فلا ينصب شيئا من المفعولين؛ وذلك أنه قد يتأخر عن المعمولين؛ فتقول: زيد ذاهب ظننت، ويجوز إذن أن تنصب الاسمين والفعل عامل، أو ترفعهما والفعل ملغى، وإلغاء الفعل ورفع الاسمين هنا أولى.
وقد يتوسط المعمولين، فتقول: زيد ظننت ذاهب. ويجيز النحاة هنا الإعمال والإلغاء أيضا، ثم يختلفون في أي الوجهين أولى، فجمهورهم يرى أن الوجهين على السواء، ومنهم من يرجح الإعمال.
أما إذا قدمت الفعل على الاسمين وجريت على الأسلوب الغالب، فقلت: ظننت زيدا ذاهبا، فالإعمال ونصب الاسمين واجب على مذهب البصريين. وأجاز الإلغاء ورفع الاسمين في هذه الحالة أيضا الكوفيون والأخفش من متقدمي البصريين، وابن الطراوة وأبو بكر الزبيدي من نحاة الأندلس، فهذا ملخص قولهم في الإلغاء.
أما التعليق، فهو أن يتقدم الفعل ويتأخر الاسمان، ولكن يصحبهما أداة من أدوات الصدارة التي تحجب ما قبلها أن يعمل فيما بعدها؛ مثل: لام الابتداء، و«ما» و«إن» النافيتين.
ويفرقون بين الإلغاء والتعليق بأن الإلغاء في كل مواضعه جائز، فحيث ألغيت الفعل جاز لك إعماله، أما التعليق فواجب متى تحقق سببه، فليس لك أن تعمل الفعل وقد علقته أداة نفي أو استفهام. ويفرقون بينهما بفرق آخر واضح فيه التكلف، فيقولون: إن الفعل الملغى لا يعمل في اللفظ ولا في المحل، أما المعلق فإنه يحجب عن العمل في اللفظ ويبقى عاملا في المحل، وتفصيل ذلك وما فيه من خلاف وجدل، قريب لمن شاء أو يرجع إليه في «باب ظن» من الكتب الموسعة.
وتفسير هذه الأوجه كلها على الأصل الذي ذهبنا إليه قريب إن شاء الله.
Unknown page