وقد تبين لنا أن «لا» تنفي نفيا عاما مستغرقا في الفعل وفي الاسم، فإذا كانت في نفي الاسم مفردة فإنه يشار إلى الاستغراق بالتزام التنكير وعدم التنوين، وإذا كانت مكررة كفى التكرار في الدلالة على ما يراد من الشمول والاستغراق.
هذا معنى «لا» وطريق استعمالها، أما إعراب الاسم بعدها، فإنه إذا كان مرفوعا بعد «لا» المكررة، فوجهه واضح؛ لأنه متحدث عنه حقه الرفع، وليس إعرابه بمحل خلاف وجدل عند النحاة، ولا هو بموضع نظر عندنا، ولا شيء من المعارضة بينه وبين الأصل الذي قررنا.
أما الاسم المنصوب فهو الذي يعنينا وجه إعرابه الآن، ويبدو أول الأمر أنه متحدث عنه، وأنه صدر جملة اسمية تامة، والمتأمل يرى غير هذا، فإنه ليس بعده من خبر، ولا شيء يتحدث به، تقول: لا ضير، ولا فوت، ولا بأس. فيتم الكلام، ويقدر النحاة الخبر محذوفا: أي موجود أو حاصل؛ وهو لغو. لا يزيد تقديره في المعنى شيئا. وما يذكر بعد هذا الاسم من الظروف ليس خبرا له؛ لأنه يحذف ويتم الكلام دونه، تقول: «لا ريب»، و«لا ريب في هذا القول»، و«لا ريب عندي في شيء منه»، وكل ما زدته فهو بيان وتكملة، والجملة الأولى وهي: «لا ريب» تم بها المعنى.
والآية الكريمة:
ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (البقرة: 2) يقف بعض القارئين عند
لا ريب ، ويبدأ:
فيه هدى ، وبعضهم يقف عند
لا ريب فيه ، والكلام في كلا الأمرين تام، وليس كذلك الخبر.
وآية
لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم (هود: 43) لا تجد فيها ما يصح أن يكون خبرا على طول الكلام، وأصل الجملة
Unknown page