الإمام محمد بن المستنير المعروف بقطرب، تلميذ سيبويه، المتوفى سنة 206، يقول: إنما أعربت العرب كلامها لأن الاسم في حال الوقف يلزمه السكون، فجعلوه في الوصل محركا حتى لا يبطئوا في الإدراج، وعاقبوا بين الحركة والسكون، وجعلوا لكل واحد أليق الأحوال به؛ ولم يلتزموا حركة واحدة لأنهم أرادوا الاتساع، فلم يضيقوا على أنفسهم وعلى المتكلم بحظر الحركات إلا حركة واحدة. ا.ه.
وهو رأي يشرح ما بين الحركة والسكون، ولكنه يفضي إلى إبطال الإعراب، وإلى التوسيع على كل قائل أن يحرك آخر الكلمة كما شاء في كل موضع، وذلك ما لم يقبله أحد من النحاة، وما أظن قطربا كان وفيا لرأيه هذا إلى آخر ما يقتضيه.
وكان أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج - توفي سنة 311ه - يجعل العامل في المبتدأ ما في نفس المتكلم من إرادة الإخبار عنه.
وكان تلميذه أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي - توفي سنة 339ه - يقول: إن الأسماء لما كانت تعتريها المعاني، وتكون فاعلة ومفعولة ومضافة، ولم يكن في صورها وأبنيتها أدلة على هذه المعاني، جعلت حركات الإعراب تنبئ عن هذه المعاني وتدل عليها، ليتسع لهم في اللغة ما يريدون من تقديم وتأخير عند الحاجة. ا.ه.
وهذا الرأي كالأصل لما ذهبنا إليه، وقد بينه الزجاجي في كتاب له يسمى «إيضاح علل الإعراب» لم يقع لنا منه إلا ما نقلناه هنا، وأخذناه من كتاب الأشباه والنظائر للإمام السيوطي.
وإذا رأيت أن أصل رأينا من كلام المتقدمين، فإنا نرجو أن تسايرنا في درسه، غير مستنكر له، ولا ضائق به. (1) الضمة علم الإسناد
الأصل الأول أن الضمة علم الإسناد، وأن موضعها هو المسند إليه المتحدث عنه، ونريد هنا أن نتحرى المرفوعات عند النحاة ونستقرئ أبوابها، ونعتبرها بهذا الأصل لنرى كيف يتم اطراده فيها، وانسجامه معها.
المبتدأ والفاعل ونائب الفاعل
كل واحد من هذه المرفوعات «مسند إليه» كما تعلم - وهو اصطلاح آثره من قبل علماء البيان واستعملوه في كتبهم، وجعلوا الأنواع الثلاثة نوعا واحدا في العنوان، وفيما أجروا من الأحكام - بل إن سيبويه قد سبقهم إلى هذا الاصطلاح، واستعمل «المسند إليه»
3
Unknown page