125

الخطاب فإنه صفته تعالى نعم الوجوب وأخواته مستفادة من الحكم هذا هو التحقيق وأما ما ذكر أنه يلزمهم المحال والتناقض فهذا الكلام بنفسه فاسد لأنه يفهم عنه أن التناقض قسيم المحال والحال أن التناقض من أفراد المحال ثم ما ذكر من صور التناقض اسولة مشهورة يوردونها في كتب الأصول على تعريف الحكم والجواب عن الكل أن الخطاب قديم ويتعلق الخطاب حادث فلا يلزم التناقض فإن حلية المرأة والجارية بعد حرمتها وحرمتها كذلك مفهوم من خطاب الله القديم ويتعلق ذلك الخطاب تارة بالحلية وتارة بالحرمة عند حصول الموجب وكذا تعليل الحكم بأفعال المكلف وتعلقه بتجدد الأوقات فإن هذه الأمور يقتضي حدوث تعلق الخطاب القديم بها فلا يكون تناقض وأما ما ذكر من لزوم المحال بأن الحكم يرجع إلى الفعل وصفاته فنقول أن الحكم ليس صفة للفعل بل المستفاد من الحكم يصير صفة للفعل فإن الواجب والحرام ليس نفس الحكم حتى يصير سببا للزوم كون القديم صفة للحادث انتهى وأقول أولا لا يسلم أن الله تعالى إذا كان حاكما وجب أن يكون الحكم صفة له لتخلف هدافي كثير من المشتقات كالمتمول واللابن والتامر ولو سلم فنقول المراد بالوجود والحرمة مثلا الايجاب والتحريم مسامحة والقرنية عليه قول المصنف أو التحريم دون أن يقول أو الحرمة وقال الشارح العضد لأصول ابن الحاجب المراد بالحكم معنى قوله فعل وهواد النسب في الحاكم لقيامه به يسمى إيجابا وإذا نسب إلى ما فيه الحكم وهو الفعل لتعلقه به سمي وجوبا وهما متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار ولذلك تراهم يجعلون أقسام الحكم الوجوب والحرمة مرة والايجاب والتحريم أخرى فحاصل كلام المصنف أن الحكم إذا نسب إلى الفعل فهو الوجوب آه ولا يلزم من ذلك أن لا يكون الحكم صفة له تعالى باعتبار آخر حتى يلزم أن لا يكون حاكما أصلا ثم ما أختاره الإمامية هو الراجح المتعارف بين أهل الشرع وإليه يسبق إفهامهم عند الاصلاق بل لو سألت المميز من العوام ما حكم الشرع في الحمر لقال الحرمة ولم يقل خطاب الله والمخالفون قد نزلوا على هذا العرف من حيث لا يشعرون فإنهم اتفقوا على تحديد الفقه بأنه علم بالأحكام الشرعية ومعلوم أنهم ما أرادوا العلم بخطاب الله تعالى وإلا لزم فيمن حفظ القرآن أن يكون فقيها وهو لا يقولون و التحقيق الحقيق بالتصديق أن الحكم مع قطع النظر عن كون الخطاب المفسر به كلامه تعالى وأنه حادث عندنا ليس نفس الخطاب بل المستفاد منه فإن الحكم ليس قول الشارع أوجبت عليك بل نفس الوجوب المستفاد من الخطاب فيكون استعماله في الخطاب يحاز أو في أثر الخطاب وهو الوجوب والندب و غيرهما من الأحكام حقيقة ونقول أن قول الشارح العضد أن الخطاب إذا نسب الفعل سمي وجوبا غير مسلم والتقسيم الايجابي والتحريم مرة وإلى الوجوب والحرمة أخرى مسلم لكن بحسب ما ذكرنا من المعنيين أي الخطاب وأثره لا باعتبار إطلاق الخطاب عليهما حقيقة وبالجملة الوجوب غير الايجاب ذاتا ولهذا ايق أوجبه عليه فوجب ومن البين أن الأثر غير المؤثر بالذات فدعوى الاتحاد بينهما لا يخلو عن تحكم فتأمل وأنصف وثانيا أن ما فهمه من كلام المصنف أن التناقض قسيم للمحال وهم لا فهم وإنما للمفهوم منه أنه جعل التناقض مقابلا للمحال الذي هو أعم منه ومقابلته الخاص بالعام ليس أول قارورة كسرت في الإسلام وبالجملة لما نظر المصنف العلامة إلى أن أحد اللازمين المحالين ههنا له اسم على حد وهو التناقض سماه به وإذ لم يكن للآخر اسم على حدة عبر عنه بالمحال ولا محال فيه وثالثا أن ما أجاب به عن الأسولة بأن الخطاب قديم وتعلق الخطاب حادث مردود بأنه لا خطاب قبل التعلق ولو أغمضنا عن هذا نقول الظاهر أن مراد المصنف بالأشاعرة ههنا الفقهاء منهم فإن تعلق الخطاب أيضا قديم عندهم كما صرح به الشارح العضد في بحث النسخ حيث قال أنهم أي الفقهاء فروا في تعريف النسخ من الرفع إلى الانتهاء لكون الحكم قديما والتعلق قديما فلا يتصور رفع شئ منهم انتهى ويل عليه أيضا ما قالوا أن الأمر يتعلق بالمعدوم بل صرحوا بأن المعدوم مكلف وكل ما تكلفه الشارح العضدني توجيه هذا دفعا للشناعة الظاهرة المتوجهة عليه بأنه لم يرد متخير التكليف في حال العدم بأن يطلب منه الفعل حال العدم أو الفعل في حال العدم بل أريد به التعلق العقلي وهو أن المعدوم الذي علم الله أنه يوجد الشرايط التكليف توجه عليه حكم في الأول بما يفهمه ويفعله فيما لا يزال فغير مجد لأن وجود الحكم في الحال وكونه يتعلق بالشخص الذي سيوجد في ثاني الحال عين السفه لامتناع تحقق التعلق بدون المتعلق ضرورة الإضافة يتحقق بدون المضاف نعم لو قالوا بالوجود العلمي واعرفوا بالوجود الذهني لتم هذا الكلام وليس فليس على أن ما اشتهر من شبهتهم الباغتة لهم على القول بقدم تعلق الحكم وهي أنه لم يدخل المعد وتحت الخطاب لما كان النبي (ص) مرسلا إليه وخلافه معلوم يأبى إباء بينا عن اتجاه التكلف المذكور هذا والجواب عن تلك الشبهة أنه يكفي في كون النبي مرسلا إليهم أن يتوجه شرعه إليهم يوم يوجدون بنقل من قبلهم إليهم تأمل قال المصنف رفع الله درجته البحث الثاني في الواجب الموسع العقل والنقل متطابقان على وقوعه أما النقل فقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وأما العقل فلأنه ممكن لعدم استحالة أن يوجب الله تعالى فعلا في وقت يفضل عنه ويتخير العبد في إيقاعه في أي جزء شاء من ذلك الوقت ثم إذا لم يفعله إلا في الوقت الأخير تضيق عليه حينئذ ولا امتناع في ذلك بل يجب لتعذر ضبط وقت الصلاة فإنه يمتنع أن يفعل العبد الصلاة في وقت لا يفضل عنها إما بالنسبة إليه أو إلى غيره فالقول باتساع الوقت أمر ضروري في نظر الشرع وقال بعض الجمهور أنه يجب الفعل في أول الوقت فإن آخره إلى آخر الوقت صار قضاء وقال بعض الحنفية أنه يجب في آخره فإن قدمه كان نفلا والقرآن يكذب أقوال هؤلاء لأنه تعالى أوجب الصلاة في الزمان المحصور بين الدلوك والغسق فتخصيص الوجوب بأول الوقت أو آخره ترجيح من غير مرجح وهو محال انتهى وقال الناصب خفضه الله تعالى أقول بالواجب الموسع موافق المذهب الشافعي بالدلايل المذكورة في كتب أصولنا وأما ما استدل عليه نقلا وعقلا فباطل أما النص فلا دلالة له على مدعاه لأن إجماع المفسرين على أن الآية جمعت فيها صلوات الأوقات الأربعة سوى صلاة الفجر فهذا التحديد ليس للتوسع بل لبيان الأوقات الأربعة وأما الدليل العقلي فإمكان اتساع الوقت مسلم ووجوبه على ما ذكر تم قوله يمتنع أن يفعل العبد الصلاة في وقت لا يفضل عنها أما بالنسبة إليه أو إلى غيره آه قلنا الامتناع مم لأنه يمكن أن يتساوى

Page 317